الجمعة، 9 مارس 2012

إنتخابات الرئاسة لا قصة ولا مناظر ..

رابط جريدة الموجز الاليكترونية : http://www.almogaz.com/opinion/news/2012/03/9/213865

الإنتخابات الرئاسية الآن ذكرتني بالإنتخابات المدرسية ، كان عندنا إنتخابات في الفصل اختلفت قواعدها من إبتدائي لإعدادي وثانوي ، في إبتدائي انحصرت فقط في رئيس للفصل ، غالباً ما تتم في أسرع وقت ، أقرب بالتعيين منها بالإنتخاب ، يأتي فيها مدرس الفصل وكان يُسمى ( برائد الفصل) ويُخيرنا ما بين اثنين من التلاميذ الأكثر طولاً وعرضاً ، بصرف النظر عن مستواه الدراسي أو الأخلاقي ، فكان المعيار هو المواصفات الجسدية التى تلائم طبيعة عمل رئيس الفصل وقتها ، والتى تنحصر في حمل الكراسات من الفصل إلى غرفة المدرسين والعكس ، وكذلك تسجيل أسماء التلاميذ الذين يتحدثون في الفصل في غياب المدرس ، فتختار أحدهما معتقداً أنك انتخبت ولا يجرؤ أحد آخر أن يتقدم وإذا تقدم فسيسقط أو لن يحصل إلا على صوته وحده وبالتالي سيناله نصيب وافر من السخرية ، لذلك كان ينأى عنها الكثير ممن لا يستطيعون المنافسة الجسمانية ، وأحيانا كثيرة ما كان يتم اختيار نفس الطالب في الشرطة المدرسية فهو رئيس مدني عسكري ، وغالبا ما كان يتكرر انتخابه أو تكرار تعيينه بالتزكية في أول حصة من العام الدراسي التالي لتجده جاثم على صدرك لمدة قد تمتد لست سنوات متتالية تنشأ فيها بذور تعلم وممارسة الرشوة لتتجنب شره أو لتأنس وتنعم بسلطته فلا مانع أن تقدم له ساندويتش أو قلم رصاص أو بَرَّاية ..
في المرحلة الإعدادية اختلف الوضع قليلاً ، فأُضيف لرئيس الفصل ، مندوب رياضي ، مندوب صحي ، مندوب ثقافي ، مندوب اجتماعى ، كانت بمثابة إنتخابات تُجرى فعلاً ، لكن ليست من اليوم الأول للدراسة وكأنها كانت فرصة للطلبة ليتعرفوا على بعضهم وقد أتوا من مدارس عدة مختلفة ، اختلفت أيضا مدة الإنتخابات فامتدت إلى حصتين كاملتين ، تستطيع فيها أن تراقب تقدم وتراجع الأصوات على السبورة مباشرة ، صوت بصوت حتى تصل إلى النتيجة النهائية بكل شفافيه ونزاهة ..
كانت المنافسة تشتد على منصب أمين الفصل والمندوب الرياضي ، أما باقي المناديب فلم يكن ليتقدم إليها سوى شخص واحد غالباً يتم الموافقة عليه بإجماع ..
كنت أندهش أن أجد اشخاصاً ترشحوا لأمين الفصل و لم يحصلوا إلا على صوتهم فقط وأتساءل لماذا تقدموا وماذا توقعوا وما هو شعورهم الآن ؟؟ ..
في إعدادي اختلفت قواعد الإنتخابات ، فلم تعد المواصفات الجسدية مطلوبة أو لم تكن هي المعيار ، وكأنها كانت ردة فعل من تلاميذ الإبتدائي ورغبتهم في التخلص من الكابوس الجسدي لرئيس فصلهم العسكري المدني الذي جثم على صدورهم ستة سنوات ، يسجل أسماءهم ويُنَكِّل بهم ويحولهم للعقاب ..
اختلف الوضع في المرحلة الثانوية أكثر ، خاصة الثانوي العسكري ، في المرحلة الثانوية تعرف الطلبة على بعضهم أكثر من خلال تجمعاتهم بملاعب النوادي  أوالاستاد الرياضي ومن خلال معسكرات الكشافة و الرحلات أوالمعسكرات الترفيهية ومن خلال دورات رمضانية وفصول تقوية انتشرت بالمساجد تلك الفترة ، وجاءت بداية العام الدراسي للسنة الأولى ثانوي  مع حادث اغتيال السادات..
بجانب أمين الفصل المدني كان هناك أيضاً حكمدار الفصل ، الحكمدار يتم الترشح له ولكن الاختيار يأتي من الإدارة العسكرية للمدرسة ، الجميل في إنتخابات الثانوي أن أصبح هناك شِبه قاعدة مهمة  وأساس للإنتخاب فتجد ترشيحك من الطلبة لما هو معروف عنك ، فتجد نفسك مدفوع دفعاً لتكون أمين للفصل أو مندوب رياضي أو رئيس لإتحاد الطلبة بكل حب وبكل قناعة منهم وهم مؤمنون أنك الأفضل أخلاقاً ونشاطاً والتزاماً ..
 لم يمض سوى أيام على اختياري لأمين الفصل وتعيين أحد زملائي حكمدار الفصل حتى أتانا أحد الضباط وطلب منا مباشرة بكل وضوح وصراحة يعرض علينا أن نتعاون معه و نبلغه بأي توجه ديني أو سياسي نلحظه في أحاديث زملائنا، ، وعلينا أن نوافيه غداً بصورتين ويبقى الموضوع سراً وسوف يقابلنا بأحد الأشخاص الذي سيقدم لنا أي مساعدة نحتاجها أو دروس في أي مادة ، جاء اليوم التالى ولم أذهب له حسب نصيحة والدي ، ولكن لم تزل عيني تراقب زميلي الحكمدارسنه بعد أخرى حتى تخرجنا وتراقب العبقرية التى كان فيها والتى أهلَّته لأن يكون مديراً لأحد مكاتب تنظيم الأسرة بمجرد تخرجه ونشاطه الخاص الذي توغل فيه ومازال حتى الآن ومازلت أرى ذلك الضابط الذي عرفت فيما بعد أنه كان ضابط إحتياط وهو خريج كلية الزراعة يعمل كاشير بأحد المطاعم ..في الفترة القادمة ستتكررتلك الصور كثيرًا .

هكذا نما عند كل منا مفهومه الخاص بالانتخابات ومستوى مشاركته ، وأُسس اختياره ،  وبدون أن نشعر على مدار ثلاثين سنة كاملة مضت عُدنا إلى نظام الانتخابات بالمرحلة الابتدائية ،  فجأة وبدون مقدمات وللمرة الثانية بعد إنتخابات مجلس الشعب وجدنا أنفسنا مطالبين باختيار رئيس مصر القادم ، لم نتدرب على الانتخابات وفُطمنا على التعيين في جميع المناصب بِدءا من شيخ البلد والعمدة بالقرية والمحافظ لكي يضمن الحاكم ولاءهم في الانتخابات ، فُطمنا على التسليم وتكرار الدعاء وراء شيوخنا أن يصلح الله أمور حكامنا وأن يرزقهم البطانة الصالحة وأن يوفقهم الله لما يحب ويرضى ..
كان أمامنا فرصة عام كامل لا أدري هل تم تضييعها أو تفويتها على المرشحين أو على الشعب عمداً أم جهلاً لكي يكون هناك فرصة حقيقية للتعرف على المرشح المؤهل فعلياً ليقود مصر ، ويتدرب فيها المصري البسيط في قريته على إنتخاب عمدته وشيخ بلده ومحافظ مدينته ، ويضمن أن ولاءهم جميعاً سيكون لانتخابات نزيهة ..
هل كان من المتعمد أن يكون أمامنا هذا العدد الكبير من المرشحين الرئاسيين الذي لا أعتقد أنه تكرر في دولة من العالم  لنجد أمامنا الإختيار مابين مرشح عسكري أو مدني أوديني ، ما بين فِل ولا فِل ، ما بين ستيني وسبعيني وثمانيني ؟؟ من المحتمل جدا أن يفوز الرئيس القادم بأقلية من الشعب المصري نظرا لتفتت الأصوات الناخبة ، من مصلحته أن يحدث ذلك ويأتي رئيس بلا شعبية ؟؟!
هل من الممكن أن يتحقق الحلم فعلا ويفوز شاب مثل خالد على (الأربعيني) ليعطي للشباب الأمل في غد جديد ومصر قوية فتية ، أم سَتَصْدُق نبوءة مصطفى بكري ، حين صرح أن رئيس مصر الجديد مفاجأة مدوية ويكون الرئيس التوافقي هو ، منصور حسن ، الذي بسببه تراجع حزب الوفد عن دعمه ل عمرو موسى ، وتخلى د/ محمد البلتاجي عن الإخوان وأعلن دعمه لأبوالفتوح ؟! .. منصور حسن  الذي أكل عيش وملح مع المجلس العسكري لأشهر مضت ، توافقت فيه الآراء والأفكار ، خصوصاً أنه ليس عسكرى ولا ديني وليس محسوب على الفلول ! نجيب لكم مين يعني ؟؟ ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق