الاثنين، 7 يناير 2013

محاولةاغتيال العقاد أكبر كاتب إسلامي


http://www.ahram.org.eg/Archive/2006/1/4/OPIN7.HTM

قضايا و اراء

43493‏السنة 130-العدد2006يناير4‏4 ذى الحجة 1426 هـالأربعاء

قضايا معاصرة
محاولةاغتيال العقاد أكبر كاتب إسلامي
يكتبها‏:‏ سامح كـريم

في الأيام القليلة الماضية‏,‏ استوقفتني معركة الأستاذ العقاد والإخوان المسلمين‏,‏ وذلك في أثناء مراجعتي لمعارك العقاد السياسية والفكرية والأدبية‏,‏ بغرض كتابة محاضرة حولها اشترك بها في احتفالية المجلس الأعلي للثقافة هذا الأسبوع بمناسبة مرور أربعين عاما علي وفاة العقاد‏.‏

والحق أن تفاصيل هذه المعركة بين هذين الطرفين أصابت المرء بالكثير من الدهشة والأسف‏..‏ ومصدر ذلك ما تم فيها من هجوم قاس وعنيف من العقاد وصل إلي درجة تسميته لهم بخوان المسلمين‏(‏ بتشديد الواو وتسكين النون‏),‏ بدلا من الإخوان المسلمين‏,‏ ورد أعنف وأقسي من الإخوان وصل إلي حد تهديد العقاد ووعيده بالقتل‏,‏ ومحاولة اغتياله بالفعل بالرصاص والمتفجرات‏.‏

حدث هذا بين طرفين كان من المفترض أن يكونا علي أفضل ما يكونان من التفاهم والود‏,‏ خاصة أن الأستاذ العقاد كان يحظي بتقدير خاص من المهتمين بالتفكير الإسلامي بوجه عام‏,‏ حيث كان من أكبر المدافعين عن الإسلام بالحجة والدليل‏,‏ حين وضع حقائق هذا الدين في مواجهة أباطيل خصومه‏,‏ بل إن كبار مفكري ودعاة الإخوان أنفسهم قد أثنوا علي كتاباته الإسلامية‏,‏ وفي مقدمتهم الراحلان الكبيران فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري الذي قال‏:‏ العقاد خير لسان للعروبة والإسلام‏,‏ بما كتب من دراسات إسلامية‏,‏ وأذاع من أحاديث تدفع عن العربية أوهام المبطلين‏,‏ وعن الإسلام شبهة المغرضين‏.‏ أو ما قاله فضيلة الشيخ محمد الغزالي من أن العقاد خير من كتب عن العقيدة والدين بوعي وإيمان‏,‏ وأنه من بين أفراد جيله صاحب أكبر عدد من المؤلفات الإسلامية تزيد علي الثلاثين مؤلفا‏.‏

فإذا كان هذا هو رأي رجلين من أكبر مفكري ودعاة الإخوان‏,‏ فما الذي جري بين الطرفين‏,‏ العقاد الذي لم يهاجم الإخوان منذ إنشائها في عام‏1927‏ حتي عام‏1949,‏ والاخوان الذين كانوا يرونه من أكبر المدافعين عن الإسلام؟‏.‏

وللإجابة علي هذا السؤال ينبغي الرجوع إلي صحف هذه الفترة ومنها صحيفة الأساس عام‏1949,‏ التي تولت نشر مقالات العقاد‏,‏ وبعض الكتب التي سجلت تفاصيل هذه المعركة ومنها كتاب العقاد بين اليمين واليسار لرجاء النقاش‏,‏ وكتاب العقاد دراسة وتحية لأصدقاء وتلاميذ العقاد بمناسبة بلوغه السبعين‏,‏ لنقرأ أن هذه الجماعة تأسست عام‏1927,‏ علي أساس أنها جمعية دينية لا دخل لها بالسياسة‏,‏ إلا أن تطورها من مجرد جمعية دينية إلي سياسية تحاول أن تملي إرادتها‏,‏ وتنفذ طموحاتها عن طريق الاغتيالات هو الذي جعل العقاد يتخذ موقفا حادا‏,‏ تضاعف هذا الموقف بعد اغتيالها لرئيس وزراء مصر الأسبق النقراشي رئيس حزب السعديين في‏1948/12/29,‏ بعد اغتيال الدكتور أحمد ماهر رئيس حزب السعديين الذي كان ينتمي إليه العقاد‏,‏ ومن هنا نري أن هناك أسبابا حزبية أخري إلي جانب سياسة الاغتيالات‏,‏ ليبدأ هجومه بسلسلة من المقالات بصحيفة الأساس في الشهور الأخيرة من عام‏1948‏ تزداد عنفا في بدايات عام‏1949,‏ ومنها مقال بتاريخ‏1949/1/17‏ قال فيه‏:‏ أجمع المصريون علي استنكار تلك الجرائم الوحشية التي يقدم علي ارتكابها أفراد الجماعة التي تسمي بجمعية الإخوان المسلمين‏,‏ والتي من حقها أن تسمي علي الأصح بجمعية خوان المسلمين‏,‏ ولكن فريقا من الذين بحثوا في أسرار تلك الجرائم يتوهمون أن جناتها من الأشرار يساقون إليها بدافع من الإيمان المضلل‏..‏ إلي أن يقول‏:‏ إن فقيد الوطن النقراشي باشا رحمه الله قد أراح هذه البلاد من عصابات كثيرة‏..‏ منها عصابة الخط المشهورة‏,‏ التي كانت تعبث بالفتك والسلب والنهب في أواسط الصعيد‏,‏ والخط لم يدع لنفسه أنه إمام من الأئمة‏,‏ ولم يدع له أحد شيئا من العلم أو القدرة علي التدجيل باسم الدين‏,‏ إلي أن يعقد مقارنة بين هذا الخط ورجاله الذي أراح النقراشي من شروره البلاد‏,‏ وبين الإخوان الذين حل جماعتهم إلي أن يقول‏:‏ والواقع أن الطمع هو الباعث الأول في نفوس هذه الجماعة‏,‏ علي سفك الدماء‏,‏ وإشاعة الفوضي في جوانب هذه البلاد‏,‏ وأنهم يعملون ليقبضوا بأيديهم علي زمام الدولة في يوم من الأيام‏.‏

ويزداد العقاد عنفا وحدة في هجومه علي الإخوان‏,‏ ويكون رد فعل الإخوان إنذاره أكثر من مرة‏,‏ وإرسال خطابات إليه تحمل عبارات مثل قذفت القاذفة أي أزفت الآزفة‏,‏ وخطابات أخري تهدده صراحة بالقتل إن لم يرتدع ويكف عن هجومه وهو الأمر الذي جعل النائب العام ـ وقتئذ ـ يخصص حراسة من بعض رجال البوليس السياسي لحماية العقاد بعد أن وضعوا اسمه في القائمة السوداء التي ينفذ فيها حكم الإعدام بعد أيام‏,‏ وحاولوا ذلك بالفعل بوضع المتفجرات حول بيته‏,‏ ومحاولة اغتياله بالرصاص حين اتصلوا به تليفونيا ليلا‏,‏ وكانوا يعرفون أن تليفونه بجوار النافذة المطلة علي الشارع‏,‏ وعندما اتجه العقاد ليرد أطلقوا علي هذه النافذة الرصاص بهدف قتله‏.‏

وفي الجانب الآخر‏,‏ لم يكف العقاد عن مهاجمتهم فكتب مقالا بعنوان خدام الصهيونية فيه دلل علي أن ما يفعله الإخوان بمصر تعجز الصهيونية عن فعله بتدبيرها وجموعها وأموالها قائلا‏:‏ إن يهود الأرض لو جمعوا جموعهم‏,‏ ورصدوا أموالهم‏,‏ وأحكموا تدبيرهم‏,‏ لينصروا قضيتهم بتدبير أنفع لهم من هذا التدبير الذي تصنعه هذه الجماعة‏,‏ لما استطاعوا‏.‏

وهكذا يبلغ العقاد في هجومه علي الإخوان‏,‏ حدا جعله يلوح لأبناء وطنه بخطورة هذه الجماعة علي الأمن والسلام‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق