في باب الموانع والاعذار من كتاب
عباس العقاد ( التفكير فريضة إسلامية ) الصادر عام 1962، يذكر لنا العقاد ثلاثة
أسباب تمنع استخدام العقل ، فيقول العقاد : أكبر الموانع في سبيل العقل هي :
1ـ عبادة السلف التي تسمى بالعرف .
2ـ الاقتداء الاعمى بأصحاب السلطة الدينية .
3ـ الخوف المهين لأصحاب السلطة الدنيوية ..
ثم يستطرد العقاد فيقول : الاسلام لا يقبل من المسلم أن يلغي عقله ليجري على سنة أبائه واجداده ولا يقبل منه أن يلغي عقله خنوعا لمن يسخره باسم الدين في غير ما يرضى العقل والدين ولا يقبل منه أن يلغي عقله رهبة من بطش الأقوياء وطغيان الأشداء ولا يكلفه في أمر من هذه الأمور شططا لا يقدر عليه ، إذ القرآن الكريم يكرر في غير موضع أن الله لا يكلف نفسا ما لا طاقة لها به ، ولا يطلب من خلقه غير ما يستطيعون ..
ولا معنى للدين ولا للخلق اذا جاز للناس أن يخشوا ضررا يصيب أجسامهم ولا يخشوا ضررا يصيبهم في أرواحهم وضمائرهم وينزل بحياتهم الباقية إلى مادون الحياة التي ليس لها بقاء وليس فيها شرف ولا مروءة ..
ثم يستشهد العقاد ببداية الدعوة الاسلامية فيقول : أشد ما كان يحنقهم من دعوات الرسول القائم بها صلوات الله عليه أنه لا يسفه بها أحلامهم ولا يستخف بعقولهم بل كانوا يقولون أنه يسفه احلام آبائنا ويستخف بعقول أسلافنا ويقول عن عن أصول النسب التي يفخرون بها أنها كانت على ضلالة وكانت لا تعقل ما تصنع من أمور الدين ..
( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون(البقرة ( 170)
( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ( المائدة ( 104)
ولعلنا لا نعدو الصواب إذا عممنا القول على جميع العصور ولم نقصره على العصر الجاهلي الذي كانت فيه عبادة السلف أظلم للناس من سلطان رجال الدين وسلطان الحاكم بامره ، فإن حرية العقيدة قد يرجع الامر فيها إلى من يتولون أمرها من القائمين عليها في المعابد والمحاريب أو من القائمين عليها في ولاية الشعائر والحدود ، وأيا كان الرأي في تفاوت القوى التي يخضع لها العقل ، فالأمر لذي لا مرية فيه أن الإسلام قد بدأ بالتحذير الشامل من هذا الفساد فأسقط الكهانة وأبطل سلطان رجال الدين على الضمائر ونفى عنهم القدرة على التحريم والتحليل والإدانة والغفران ..( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ( التوبة (31).
يقول العقاد قبل أن ينتهي من هذا الباب : يكاد الذين كتبوا في تاريخ العقائد يتفقون على تهوين خطر الحكم المستبد على الضمير الإنساني بالقياس إلى خطر العرف أو خطر الخديعة من رؤساء الأديان ، لأن الحكم المستبد يتسلط على الضمير من خارجه ولا يستهويه من باطنه كما يستهويه حب السلف أو الإسترسال مع القدوة الخادعة من قبل رؤساء الدين ، فهو مشكلة مكان لا مشكلة عقل أو ضمير ، إما أن ينفضه عنه في مكانه أو يلوذ منه بمكان أمين ، وكثيرا ما يكون الحكم المستبد حافزا للضمير إلى المقاومة محرضا للعقل على الرفض والانكار ، وأكبر ما يخشى منه أن يؤدي إلى تشبث العناد ، لأن ها التشبث ( بالعناد) خطر على التفكير كخطر الإستهواء والتسليم ، ولا يزال الاستبداد قهرا للعقل بغير إرادته ومن هنا كان حق العقل في مقاومته ـ بحكم اللإسلام ـ كحقه في مقاومة سلطان العرف وسلطان الأحبار ، ويزيد عليه أنه يلوم المسلم على الخضوع في مكانه إذا كان في وسعه أن يرحل منه إلى مكان بعيد من سلطانه .. ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء:97.
خلاصة القول ، عليكم أن تبروا بالآباء ولكن البر معهم غير الضلال معهم على غير بصيرة والعقلاء هم الذين يعرفون موضع هذا وموضع ذاك .
عليكم أن تسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ولكن أهل الذكر لا ينتفعون بذكرهم لا ترجى منهم التذكرة لغيرهم ، ومن لم يكن من أهل الذكر فليس بعسير عليه أن يكون من المميزين بين الصادقين منهم والمنافقين ، وبين سيرة الرشد والإستقامة وسيرة الغواية والاعوجاج ..
عليكم أن تطيعوا ولاة الأمر منكم ، ولكن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولا خير في فتنة يضرمها العصيان على غير بصيرة ، ومن لم تكن له قدرة على الطاعة ولم يكن في عصيانه أمان من الفتنة الطامة فله في الهجرة متسع يأوي إليه ما استطاع .
هكذا يكون أمر العقلاء وهكذا يؤمرون وغير ذلك من الأوامر انما يكون للآلات التي تعمل على وتيرة واحدة في أيدي من يحركونها ويديرونها أو يكون للخلائق البكماء التي تقاد أو تساق ولا رأي لها في مقادة أو مساق .
1ـ عبادة السلف التي تسمى بالعرف .
2ـ الاقتداء الاعمى بأصحاب السلطة الدينية .
3ـ الخوف المهين لأصحاب السلطة الدنيوية ..
ثم يستطرد العقاد فيقول : الاسلام لا يقبل من المسلم أن يلغي عقله ليجري على سنة أبائه واجداده ولا يقبل منه أن يلغي عقله خنوعا لمن يسخره باسم الدين في غير ما يرضى العقل والدين ولا يقبل منه أن يلغي عقله رهبة من بطش الأقوياء وطغيان الأشداء ولا يكلفه في أمر من هذه الأمور شططا لا يقدر عليه ، إذ القرآن الكريم يكرر في غير موضع أن الله لا يكلف نفسا ما لا طاقة لها به ، ولا يطلب من خلقه غير ما يستطيعون ..
ولا معنى للدين ولا للخلق اذا جاز للناس أن يخشوا ضررا يصيب أجسامهم ولا يخشوا ضررا يصيبهم في أرواحهم وضمائرهم وينزل بحياتهم الباقية إلى مادون الحياة التي ليس لها بقاء وليس فيها شرف ولا مروءة ..
ثم يستشهد العقاد ببداية الدعوة الاسلامية فيقول : أشد ما كان يحنقهم من دعوات الرسول القائم بها صلوات الله عليه أنه لا يسفه بها أحلامهم ولا يستخف بعقولهم بل كانوا يقولون أنه يسفه احلام آبائنا ويستخف بعقول أسلافنا ويقول عن عن أصول النسب التي يفخرون بها أنها كانت على ضلالة وكانت لا تعقل ما تصنع من أمور الدين ..
( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون(البقرة ( 170)
( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ( المائدة ( 104)
ولعلنا لا نعدو الصواب إذا عممنا القول على جميع العصور ولم نقصره على العصر الجاهلي الذي كانت فيه عبادة السلف أظلم للناس من سلطان رجال الدين وسلطان الحاكم بامره ، فإن حرية العقيدة قد يرجع الامر فيها إلى من يتولون أمرها من القائمين عليها في المعابد والمحاريب أو من القائمين عليها في ولاية الشعائر والحدود ، وأيا كان الرأي في تفاوت القوى التي يخضع لها العقل ، فالأمر لذي لا مرية فيه أن الإسلام قد بدأ بالتحذير الشامل من هذا الفساد فأسقط الكهانة وأبطل سلطان رجال الدين على الضمائر ونفى عنهم القدرة على التحريم والتحليل والإدانة والغفران ..( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ( التوبة (31).
يقول العقاد قبل أن ينتهي من هذا الباب : يكاد الذين كتبوا في تاريخ العقائد يتفقون على تهوين خطر الحكم المستبد على الضمير الإنساني بالقياس إلى خطر العرف أو خطر الخديعة من رؤساء الأديان ، لأن الحكم المستبد يتسلط على الضمير من خارجه ولا يستهويه من باطنه كما يستهويه حب السلف أو الإسترسال مع القدوة الخادعة من قبل رؤساء الدين ، فهو مشكلة مكان لا مشكلة عقل أو ضمير ، إما أن ينفضه عنه في مكانه أو يلوذ منه بمكان أمين ، وكثيرا ما يكون الحكم المستبد حافزا للضمير إلى المقاومة محرضا للعقل على الرفض والانكار ، وأكبر ما يخشى منه أن يؤدي إلى تشبث العناد ، لأن ها التشبث ( بالعناد) خطر على التفكير كخطر الإستهواء والتسليم ، ولا يزال الاستبداد قهرا للعقل بغير إرادته ومن هنا كان حق العقل في مقاومته ـ بحكم اللإسلام ـ كحقه في مقاومة سلطان العرف وسلطان الأحبار ، ويزيد عليه أنه يلوم المسلم على الخضوع في مكانه إذا كان في وسعه أن يرحل منه إلى مكان بعيد من سلطانه .. ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء:97.
خلاصة القول ، عليكم أن تبروا بالآباء ولكن البر معهم غير الضلال معهم على غير بصيرة والعقلاء هم الذين يعرفون موضع هذا وموضع ذاك .
عليكم أن تسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ولكن أهل الذكر لا ينتفعون بذكرهم لا ترجى منهم التذكرة لغيرهم ، ومن لم يكن من أهل الذكر فليس بعسير عليه أن يكون من المميزين بين الصادقين منهم والمنافقين ، وبين سيرة الرشد والإستقامة وسيرة الغواية والاعوجاج ..
عليكم أن تطيعوا ولاة الأمر منكم ، ولكن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولا خير في فتنة يضرمها العصيان على غير بصيرة ، ومن لم تكن له قدرة على الطاعة ولم يكن في عصيانه أمان من الفتنة الطامة فله في الهجرة متسع يأوي إليه ما استطاع .
هكذا يكون أمر العقلاء وهكذا يؤمرون وغير ذلك من الأوامر انما يكون للآلات التي تعمل على وتيرة واحدة في أيدي من يحركونها ويديرونها أو يكون للخلائق البكماء التي تقاد أو تساق ولا رأي لها في مقادة أو مساق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق