الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

الدقائق الأخيرة " قصة قصيرة - 1990 "


لم يعد هناك ثمة عقبة أمامي .. أمام حبي .. لم يعد سوى ساعات ليولد حبي .. فمع طلوع هذا الفجر لم أعد طالباً .. ومع بزوغ هذا الفجر ستشرق أحلامي وترى الدنيا نورها في كل مكان .. عقارب الساعة تدق كصوت يد حنون تربت على كتفي تطمئني .. أنظر إليها في صمت .. أراها كأيام الماضي اللعينة .. تلوح لي بالرحيل .. لا أتحرك فقط أنظر إليها .. ربما لو شكرتها أو ودعتها عادت من جديد .. فهي لم تفهمني .. وربما لم أفهمها .. المهم أنها عذبتني حتى تمر .. ثانية ثانية .. النوم عاد يداعبني .. عيناي تتحديان .. أرتشف مزيد من قهوتي فهي وسيلتي للسهر .. إنها أيضاً لم تعد تتكفى .. لقد اعتدتها أيام حبي الأول .. ماهذا ؟! .. إني أتثاءب .. عيناي تكاد تغفلان .. قد أغفلت .. ها  قد ظهرت أنوار الفجر .. ها قد نجحت لم أعد طالباً .. لم يعد أمامي سوى خطوة واحدة .. سأخطو .. سأخطو بحذر .. ليولد حبي .. نعم .. سيولد .. لم تعد ولادة عسرة هاتفي ليسارعوا الحضور .. كانت الطريق بيني وبين حبي لا تتجاوز ساعتين .. عقارب الساعة من جديد عادت تلوح لي .. تهددني بالنظر إليها .. أكاد أصرخ .. أغمض عيني لعل الوقت يمضي .. لا أستطيع ..
ها قد وصلت .. قدماي تهرولان .. ما هذا ؟!
خطواتي غير مستقيمة .. دقات قلبي تكاد تزعج من حولي .. إنهم ينظرون لي .. وقفت أشعل سيجارة .. ربما أستعيد هدأتي .. ربما .. وصلت هناك .. إلى محرابي .. الذي طالما حلمت بدخوله .. كثيراً ما طفت حوله ..
أتأمل ملاكي فيه .. ما أروع تلك اللحظات !! أستشف الحياة من نظراته .. من خلال ستارة الوردي أعيد النظر له .. أرى ابتسامة صُبح يشرق لي .. ما هذا ؟! أليس هذا مكانها .. طريقها .. أسأل قلبي .. كفاك دق .. أخبرني ؟ هذه رائحة عطرها ؟ كيف ؟! كيف لي أن أنساها ؟! لا .. لا .. لكن ما هذا ؟! إنه ليس بمحرابي ! إنه بقايا .. قديم .. أطلال .. كيف ذهبت ؟! أين ذهبت ؟! فقد وعدتني بالانتظار .. إذن أحبتني .. نعم لم أبُح ولم تَبُح .. هل نسيتني ؟! لا .. ربما أوهمتني حباً .. ربما منحتني عطفاً .. لا .. ستعود .. ربما مع الغروب فهي كالشمس .. سأنتظر حتى الغد .. كي أرى وسترون، ألا تصدقون ؟! ما بك تحدث نفسك هكذا ؟!
يتراءى لي ما يشبهها .. إنها مثلها تماماً .. لكن ليست هي .. تلك .. نعم جميلة .. لكن ملاكي جذاب .. زهرة يانعة .. تلك ذابلة .. إنها تسير بجوار آدمي .. لا .. ليست ملاكي .. إنها تنظر لي .. تحملق في .. إنها تقترب مني .. ما زالت تحملق في عيناي .. إنها أمامي .. تبتسم .. تطلب السماح .. إنها هي .. إنها صبراً مللتني .. نعم سئمت الانتظار .. هل يضيع حبي ..
هل أنسى نفسي .. تذهب روحي .. آه ..آه ..
إن أهلي ينتظرون هاتفي .. ماذا أفعل ؟!
سأنتظر .. إنها لي .. أشعر بيد حنون تربت على كتفي .. تنادي اسمي ..
إنها أمي ..
توقظني من النوم .. حمداً لله .. إنه حلم .. حلم جديد .. تخبرني بنجاحي .. أصرخ فرحاً .. أقبل يداها .. أتناسى الحلم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق