الثلاثاء، 12 فبراير 2019

صديقي العزيز جوجل(16)


ربما لا تعرف عن دمياط أنها كان يطلق عليها يابان الشرق والتي كانت تتميز بعدم وجود بطالة بين شبابها، بل كان الشباب يفد إليها من محافظات كثيرة ليتعلم الصنعة وليعمل في المطاعم والمقاهي بها لأن شبابها متفرغ للعمل بالأثاث، كانوا يصفون دمياط بجملة" بين الورشة والورشة ورشة" الآن اقتربت صناعة الأثاث بها إلى الموت الإكلينيكي، بعد التعويم تضاعفت أسعار الخامات المستخدمة في الصناعة لأنها جميعها مستوردة كالأخشاب والقشرة ومستلزمات الدهان، وبالطبع تضاعفت التكلفة، أشاعت الحكومة أنه بعد التعويم ستزداد الصادرات المصرية، وقالت أن المستورد الذي كان يستورد قطعة أثاث مثلا بعشرة دولار سيستطيع أن يستورد قطعتين بنفس السعر ولكنها تناست ولا أعرف عمدا أو إهمالا أوعدم دراسة للقرار، بأنه بعد التعويم ستزداد تكلفة المنتج النهائي وبالتالي سيرتفع سعر بيعه ومعه أصبح الوضع كأن شىء لم يكن، ذلك لأن الهدف الأساسي لدى الحكومة لم يكن تشجيع التصدير لخلق فرص عمل، أو لحث الناس على الإستثمار بل كان من أجل الحصول على عملة صعبة كتحفيز حائزي الدولار على تحويله إلى جنيه مصري، ويدعم ذلك الفائدة البنكية التى وصلت إلى 20%..
مضى على التعويم عامان كاملان والنتيجة نلمسها جميعا ليس فقط من خلال صناعة الأثاث في دمياط بل مع معظم الصناعات في مصر ارتفعت التكلفة نفس الشىء، ولم يتفتق ذهن الحكومة أن تخفض الجمارك على الخامات أو تعفيها على الأقل لفترة مؤقتة أو تنظمها بحصص تموينية كما كانت من قبل من أجل إعادة الروح إلى الصناعة التي تحتضر كل يوم ولم تفكر الحكومة أنه مع كل يوم يتوقف مصنع عن العمل ويتم تسريح عماله أو يخفض من أعدادهم يتحولون آليا إلى رقم يضاف إلى مستحقي الدعم أو معاش استثنائي، فنزيد من عدد الموظفين بالوزارة ومن أجهزة الحاسب الآلي ومن إدارة مشتريات للسلع التموينية ننفق عليها ملايين كان في استطاعتنا لو تنازلنا عن جزء من حصيلة الجمارك لما وصلنا إلى هذا الوضع.
ولم تفكر الدولة في أثر ذلك على مستوى المجتمع، فحين يجد رب الأسرة نفسه عاجز عن توفير قوت أولاده قبل مصاريف التعليم والصحة والملبس والمسكن، لك أن تتخيل ما الأثر الذي ينتج عن ذلك كزيادة حالات الطلاق والتشرد الأسري والخروج من التعليم، وفي ظل ندرة فرص العمل فمن المؤكد ستنتشر الجريمة وتتطور ويتحمل عبء ذلك الجهات الأمنية وحدها ومعها يتطلب أيضا أعداد إضافية من أفراد الأمن ومعدات وأجهزة وسيارات لمكافحة الجريمة.
وقد نجد أنفسنا في النهاية ننفق على معالجة الأثر السلبي لزيادة الحصيلة الجمركية أو الضريبية أضعاف ما نجنيه ولذلك لن نشعر بأي تنمية حقيقية.
حالة أقرب إلى قصة "الشنكل" برواية "أرض النفاق".
صديقي العزيز جوجل، كما وفرت لنا خرائطك التوضيحية بالعناوين والأماكن أرجو أن توفر للحكومة خدمة تتيح لهم التعرف على أماكن وعناوين المصانع والورش المغلقة، وتضيف لهم أعداد الورش التي تحولت إلى مقاهي وكافيهات، وأن تضيف أيضا خدمة "مواطن عاطل".
ملحوظة :
1-
تم ذكر الأثاث كمثال واحد.
2-
ليس لي أي علاقة بصناعة الأثاث من قريب أو بعيد ولكن كل ضرر يصيب صناعة ما أو فئة ما بالضرورة يصيب الجميع حتى وإن لم يكن أثره سريع أو مباشر.
11 ديسمبر 2018م

#صديقي_العزيز_جوجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق