ترددت كثيراً أن أذهب لمقابلة زوج ابنته ولكنه اتصل أكثر من مرة يطلب المقابلة .. وعدته بزيارة قريباً .. في أقرب فرصة أجدني قريب منه .. خاصة بعدما أخبرني أن حماه قد توفي إلى رحمة الله .. حمدت الله أنه أنهى عمله معي، فقد أصابني بكثير من التوتر لأنه لن ينتهي من اتفاقي معه، مما سبب لي ضغط نفسي .. ماذا أفعل بالورق الذي معي؟! من ينهي هذا العمل ؟! برغم أني كنت أعلم بمرضه منه ولكن كانت وفاته مفاجأة لي !! قابلته ثلاث مرات لأتفق معه على تنفيذ دولاب المطبخ .. كان أمهر نجار مطابخ .. محل صغير في زقاق ضيق .. منذ شبابه وهو في هذه المهنة ولكن ما زال يعمل بمفرده .. وجدتني مضطر للذهاب إليه فالكل رشحه لي، وفي نفس الوقت أخبروني بأنه لا يلتزم بالمواعيد لكنه الأحسن في صنعته .. اتفقنا على السعر وكل شيء، والتزمت معه بالدفعات .. كان قد انتهى من كتابة صيغة أشبه بالعقد من نسختين بالكربون.. الأصل معي ونسخة معه .. كتابة رديئة ولكنها مفهومة .. ارتضيت بها لأنها بخط يده .. يشير إلى زوج ابنته : ( حاجة صاقعة للأستاذ ) .. منذ اللقاء الأول لم يُضَيِّع فرصة ليشتكي لي مرضه وتعبه مع ابنه الذي رفض العمل بنفس مهنته .. ( أمه دلعته كثير لأنه الوحيد على بنتين، عايز يقلب الورشة لمحل موبايلات، من يوم ما اشتغل مع واحد صايع في الموبايلات وحاله اتقلب، بعد ما كان صنايعي معايا وشاطر ) .. نفس المواضيع في كل مقابلة، لا يتكلم عن المطبخ بنفس القدر الذي يشتكي فيه مرضه وخيبة ولده .. ( عشان كده أنا عايزك تساعدني وتدفع لي باقي الحساب مقدماً، لأني وعدت ابني إذا رجع الورشة معايا هاخطب له البنت اللي عايزها، والورشة كتبتها بإسم أمه علشان أضمن أنه يستمر في الصنعة بعدي، ووعد مني أسلمك الشغل في الميعاد ) .. سددت المبلغ واستلمه كالعادة بخط إيده .. وطلب الحاجة الصاقعة للأستاذ كالعادة .. سلم المطبخ في الميعاد لكن بدون الرخام .. اكتفيت أني استلمته وليس عندي بأجازتي وقت للمشاكل .. جمعت كل الأوراق وراجعتها مرة أخرى .. رتبت أفكاري وذهبت إلى زوج ابنته .. كعادته وجهه ضاحكاً دائماً .. ثرثاراً .. جُمَلَه غير مترابطة، توقعت أن يطالبني بباقي حساب .. كان في الورشة المقابلة له .. الحاج توفى وإحنا عارفين عمل معاك إيه .. ياريت تسامحه .. إحنا عارفين إنك راجل طيب ..
- وابنه عامل إيه دلوقت ؟!
- هز يديه قائلاً : ( لسه في محل الموبايلات ) ..
- والورشة أخبارها إيه ؟َ
-امتطَّ شفتيه ونظر بعينيه إلى أسفل ثم قال : ( الورشة باعِتها واتجوِّزِت ) ..
( تمت ) ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق