الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

«الجنزوري» فى مذكراته: مبارك أقال عبد الحليم موسى لتبنيه المصالحة مع «الجماعات الإسلامية»

الشرح النفيس : اقرأ حضرتك المقطع المنشور اليوم من مذكرات الجنزوري ، ستدهش حين تدرك اننا منذ عقود حكومة ورئيس يعملان بشكل فردي و بدون اي خطة لا طويلة ولا قصيرة المهم فقط البقاء في المنصب ..

«الجنزوري» فى مذكراته: مبارك أقال عبد الحليم موسى لتبنيه المصالحة مع «الجماعات الإسلامية»

«الجنزوري» فى مذكراته: مبارك أقال عبد الحليم موسى لتبنيه المصالحة مع «الجماعات الإسلامية»
  
عن سنوات النشأة والكفاح والانتقال من القرية إلى القاهرة مرورا بسنوات الدراسة ونهاية بتولى المناصب المرموقة حتى نهاية حكومته الأولى عام 1999، تدور أحداث الكتاب الذى بين أيدينا، والصادر حديثا عن دار «الشروق»، (طريقى.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء) للدكتور كمال الجنزورى، رئيس وزراء مصر الأسبق.
توقفنا فى الحلقة السابقة عند مفاوضات الوفد الحكومى المصرى مع صندوق النقد الدولى بشأن إنجاز اتفاق يقضى بإسقاط 50 % من ديون مصر عقب مشاركتها فى حرب تحرير الكويت، وفى هذه الحلقة يواصل الدكتور الجنزورى رواية الأحداث..
تم الاتفاق مع الصندوق فى 30 يونيو من عام 1991، وتضمن أساسا توحيد سعر الصرف وتحديده بنحو 335 قرشا مقابل الدولار.
أما الأمر الثانى فتمثل فى خفض عجز الموازنة، بعد أن بلغ رقما قياسيا نحو 22 ٪ من الناتج المحلى. وكان يتطلب علاجه خفضه سنة بعد أخرى، ليصل فى نهاية الاتفاق إلى نحو 1 ٪. وتطلب هذا الإجراء ترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات، بفرض ضرائب جديدة، وبدأت إجراءات الخصخصة، لهذا صدر قانون 203 لعام 1991، الخاص بقطاع الأعمال العام. وكانت مطالب الصندوق بالنسبة لهذه الأخيرة لا تقف عند «الإسراع» ولكن أن نبدأ بالمشروعات الكبرى بغض النظر عن أهميتها أو ربحيتها للمجتمع، وأيضا بيع أو خصخصة أحد بنوك القطاع العام، وكان المقترح بنك الإسكندرية أو بنك القاهرة.
• الاقتراض زاد فى عهد حكومة عاطف صدقى وليس فى عهدى كما تردد فى الإعلام
إيضاح وتصحيح
نشر فى الإعلام أن الاقتراض زاد خلال النصف الثانى من التسعينيات، أى خلال فترة حكومة الدكتور كمال الجنزورى، ولكن الحقيقة أنه زاد خلال فترة حكومة الدكتور عاطف صدقى، وعلى وجه التحديد خلال عامى 1991 و1992، عندما تقرر توحيد سعر الصرف، فقد لزم معه اتخاذ بعض الإجراءات لإيقاف ما يسمى بـ«الدولرة»، أى زيادة الإقبال على بيع الجنيه المصرى لشراء الدولار، لهذا زاد سعر الفائدة زيادة كبيرة حتى وصل إلى نحو 20٪ على الجنيه المصرى.
دفع هذا البنوك للعمل على التيسير بشكل غير آمن للإقراض حتى تتمكن من سداد العائد للمودعين. وعلى هذا قدمت البنوك خلال هذين العامين قروضا كثيرة، واستمر الوضع دون ظهور مشكلة من جانب العملاء. إلا أنه خلال الفترة (1993 ــ 1995) وبدءا من عام (1993ــ 1994) عندما انخفض معدل النمو سنة بعد أخرى إلى 3.5 ٪ عام 1994ــ 1995، فتعثر العملاء ولم يتمكنوا من السداد، لهذا زادت مشكلة عدم سداد القروض وزاد رصيد القروض المتعثرة لدى البنوك.
عودة إلى الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، الذى تم فى يونيو عام 1991 واستمر ستة أشهر، لنواجه المراجعة الأولى من جانبه، للتأكد من تنفيذ ما اتفق عليه، ثم المراجعة الثانية بعد سنة. وبدأت المشكلة مع الصندوق حيث تأكد لبعثته توحيد سعر الصرف، وخفض عجز الموازنة بالمزيد من ترشيد الإنفاق والمزيد من الرسوم والضرائب، ولكن الخصخصة لم تحرك إلا قليلا، إذ لم تتم رغم حرص صندوق النقد الدولى كل الحرص على أن تتم خصخصة أحد بنوك القطاع العام، فتوقف ذلك الاتفاق، كما ذكر من قبل. وحاولنا فيما بعد أن نعيد التفاوض مع الصندوق، وتم اتفاق جديد معه فى 20 سبتمبر من عام 1993. وحاولت بعثته مرارا إجراء خفض جديد لسعر الصرف للجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية، ولكن لم نوافق على ذلك. وأيضا محاولات بديلة لخفض قيمة الجنيه المصرى بما يطلق عليه Convertibility، أى يصبح الجنيه المصرى قابلا للتداول فى الخارج. ولهذا الأمر مخاطر كثيرة، حيث سنواجه العديد من العملات المصرية المهربة إلى الخارج، يستخدمها الجانب الأجنبى ليدفع رسوم قناة السويس مثلا، أو يسدد بها السائح العربى والأجنبى التكلفة، وأيضا التوسع فى الاستيراد وتقديم عملة مصرية.
• عارضت مشروع «القاهرة الجديدة» من البداية.. ورفضت إلغاء دعم المبيدات والأسمدة
عوائق.. تخطيتها بسلام
طلب صندوق النقد أيضا، إلغاء دعم المبيدات والأسمدة خلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات، ورفضت الموافقة على هذا المدى الزمنى، وطلبت ألا يقل عن خمس سنوات، حتى لا يتأثر الإنتاج الزراعى، ولكن بعد سنة أخرى واجهنا مشكلة مع الصندوق فى تنفيذ الاتفاق الثانى، متمثلة فى أن الخصخصة لم تتحرك بالسرعة المتفق عليها، وأيضا فترة إلغاء الدعم على المبيدات والأسمدة.
فوجئت بالدكتور يوسف بطرس يذهب إلى الدكتور يوسف والى وزير الزراعة، وأخذ منه توقيعا على أن يكون إلغاء الدعم على المبيدات والأسمدة خلال ثلاث سنوات بدلا من خمس. اتصلت بالرئيس لإيضاح صعوبة تنفيذ إلغاء الدعم على المبيدات خلال ثلاث سنوات بواقع الثلث كل سنة، ووافق على أن يتم إلغاء الدعم على المبيدات والأسمدة خلال خمس سنوات بدلا من ثلاث.
ولكن للأسف قام الدكتور يوسف بطرس غالى بإبلاغ الصندوق بأن الدولة رجعت فيما اتفقت عليه، فيما يتعلق بإلغاء الدعم من ثلاث إلى خمس سنوات، فأخذ الصندوق هذا الأمر ذريعة لإيقاف تنفيذ الاتفاق الثانى، أى اتفاق 1993.
الأمن والجماعات الإسلامية
فى إبريل 1993، تصاعد الموقف مع الجماعات الإسلامية، وقت أن كان اللواء عبدالحليم موسى وزيرا للداخلية، ورأى أنه من المفيد التهدئة مع هذه الجماعات، وأن تتم المصالحة للحد من صور العنف، وما لها من أثر كبير على الاستقرار السياسى والاقتصادى خصوصا الاستثمار والسياحة. واستأذن اللواء عبدالحليم موسى الدكتور عاطف صدقى ووافقه على ذلك، ولكن بعد فترة حين نشر عن محاولة للمصالحة بين الداخلية وبين بعض الجماعات الإسلامية، وعلم الرئيس بها، وهو ما كان محل رفضه لأنه رأى أن هذا قد يعطى انطباعا للرأى العام والجماعات أن الدولة فى وضع ضعيف، فسأل الدكتور عاطف صدقى: كيف تم ذلك؟ فأجاب إنه لا يعلم، رغم أن اللواء عبدالحليم موسى أكد أنه استأذنه.
وعلى هذا قرر الرئيس خروج اللواء عبدالحليم موسى من الوزارة وتعيين اللواء حسن الألفى بدلا منه.
• مبارك اقتنع بمنح «يوسف بطرس» منصب الوزير بصفته «مسيحيًا».. وقال لغالى بعد حلف اليمين: يجب أن تعلم أنك أتيت مبكرًا
وثمة أمر آخر، مرتبط بتعيين الدكتور يوسف بطرس وزيرا، فلقد كان الدكتور عاطف صدقى حريصا كل الحرص منذ البداية على ذلك، رغم صغر سنه مع قلة خبرته على توليته مثل هذا المنصب، وكان الرئيس يرى أنه لم يتهيأ بعد للفوز بهذا المنصب، رغم محاولات رئيس الوزراء، ولكن يوم خروج اللواء عبدالحليم موسى، عرض الدكتور عاطف صدقى على الرئيس أنه إذا كنا نريد أن نرسل رسالة إلى الجماعات الإسلامية أن الدولة تملك القوة لحماية استقرار الأمة بالقانون، أن ينضم إلى الوزارة الدكتور يوسف بطرس بصفته مسيحيا، كما أنه سيسند إليه اختصاصات محدودة.
وأذكر أننى علمت بشكل مؤكد، أن الرئيس عند أداء الدكتور يوسف بطرس اليمين لتولى المنصب، قال له إن الدكتور عاطف صدقى حاول مرات كثيرة ولكنه نجح هذه المرة، ويجب عليه أن يعلم أنه أتى مبكرا عما يجب.
• تركت اجتماع «عاطف صدقى» لأتلقى تكليف تشكيل الوزارة الجديدة.. وأهل السوء حاولوا إقناع مبارك بأن شعبيتى لم تتحقق لأحد قبلى
ثمة أمر آخر، حدث فى أكتوبر سنة 1993، حيث شكلت حكومة جديدة تزامنت مع مدة جديدة للرئيس، وهنا لم ينس الدكتور عاطف صدقى، وهو يحاول منذ البداية ألا أكون معه فى التشكيل الوزارى الأول عام 1986، وفى التشكيل الوزارى الثانى عام 1987، عندما نجح فى سحب وزارة التعاون الدولى. وفى تلك المرة حاول محاولة أخرى، إذ رأى أن يشكل ما يسمى بالمجلس الأعلى للتخطيط، مع إلغاء وزارة التخطيط، ويكون رئيس الوزراء رئيسا لهذا المجلس. هذا الخبر نشر فى جريدة واحدة وطبعة واحدة هى جريدة الجمهورية. قرأته صباحا، فطلبت السيد أحمد رضوان وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، وسألته عنه، قال: لا أعلم، ولكن ربما يكون هذا حدث فعلا.
فطلبت الدكتور عاطف صدقى، وبعد ساعات تمكنت من الوصول إليه، فقال:
ـ أنا فعلت ما طُلب منى، اسأل زكريا عزمى.
وكان متصورا أننى لن أسأل، وطلبت زكريا عزمى فورا، فقال هذا الأمر لم يطلبه الرئيس.
حوار مع صدقى
المهم رجعت إلى الدكتور عاطف صدقى، وسألته: لماذا فعلت ذلك؟ لقد مضت سنوات من 1986 إلى 1993، وكنت لك أخا وزميلا رغم الشكوك التى تحملها فى نفسك منذ البداية. كنت حريصا أن أساندك أكثر من أقرب الناس إليك، ولتعلم أن الدكتور محمد الرزاز حينما أتى معك وزيرا للمالية عام 1986، كنت أذهب إلى مكتبه قبل إعداد الموازنة العامة فى صورتها النهائية خلال السنوات 1986، 1987، 1988 لأساعده فى إعدادها، خصوصا الجداول الرئيسية لها، لأنه كان حديثا على وزارة المالية فى ذلك الوقت، وكان بها من رأى أحقيته بالوزارة منه، وبعد ذلك تمكن من أن يقوم بهذا العمل بمفرده. وهناك أدلة كثيرة للمساندة لك فى كثير من المواقف، ولكن لا أعلم لماذا هذا الشك وهذا الضيق المستمر بى، حتى يأتى اليوم وأنا نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط لسنوات، لتنتزع الوزارة ويتم إعطائى منصبا وهميا كنائب لرئيس المجلس الأعلى دون وجود رسمى وفعلى لوزارة التخطيط، وإنما أمانة عامة للمجلس. وقد لا تعلم وربما تعلم أن كل ما لدىّ من سلطات لتوجيه الاستثمارات إلى كل أجهزة الدولة أساسه سلطاتى كوزير للتخطيط، وإن كان الأمر غير ذلك فلا يمكن لى أن أوقع أى قرار جديد لأى جهة فى الدولة، فلماذا هذا كله؟ سكت الدكتور عاطف صدقى ولم ينبس، ولم يتحقق ما سعى إليه وتغير التشكيل الوزارى لأبقى نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للتخطيط.
مع مبارك
نعبر الزمن قليلا لنصل إلى مارس 1995، وكنا كمجموعة اقتصادية والدكتور عاطف صدقى فى لقاء مع الرئيس، لنعطى لسيادته فكرة عامة عن الموازنة، وكانت هناك رغبة لدى الرئيس أن نسرع الخطى فى الإعداد، وسأل الدكتور عاطف صدقى: متى يمكن أن تنتهى الصورة العامة للموازنة حتى أحيلها والخطة إلى مجلسى الشعب والشورى؟ فأخبره أن الأمر يتطلب فترة لا تقل عن عشرة أيام، رغم ما كان يعلمه من أنها أعدت وجاهزة للإحالة.
والتقينا فى مساء نفس اليوم بمجلس الوزراء، وأذكر فى تلك الليلة أنه كان معنا الدكتور عاطف صدقى، والدكتور يوسف بطرس، والدكتور عاطف عبيد، وهو بطبيعته لا يتدخل فى الأمور بصفة عامة، والدكتور الرزاز وكان معه وكيل أول الوزارة السيد ممتاز السعيد. أخذت السيد ممتاز السعيد إلى جانب القاعة وراجعت معه الجداول الرئيسية للتأكد من بنود المصروفات وأيضا بنود الإيرادات وقدر العجز الذى كان بحجم معين. روجعت بنود الإيرادات وعدلت سواء بالخفض أو الارتفاع، وأيضا تم ذلك للمصروفات مهتديا بالتقديرات المتوافرة لذلك فى تفاصيل الخطة السنوية، ووفقا للخبرة المتراكمة لى والحمد لله فى المجال الاقتصادى والمالى لفترة تزيد على عقدين. خلال ساعات قليلة تحددت الصورة العامة المأمولة. وطلبت من السيد ممتاز السعيد أن يعد كشوفا جديدة على وجه السرعة وفقا للأرقام التى راجعتها معه، مع إعداد خمس صور من هذه الجداول، وانتهى الإعداد فى منتصف الليل.
وكان الدكتور عاطف صدقى ما زال يجلس بعد انصراف كل من الدكتور عاطف عبيد والدكتور يوسف بطرس، ولازمه الدكتور الرزاز، أخبرت الدكتور عاطف صدقى أننا انتهينا إلى الصورة المقبولة بالشكل الذى يحقق المستهدف حيث يبلغ العجز 1 ٪ من الناتج المحلى الإجمالى. وابتسم وقال: طيب، وقلت: هل أنت موافق؟ قال: نعم، فقلت: فلتكن هذه الصورة لك، وصورة للدكتور الرزاز، وتركت صورتين لكل من الدكتور عاطف عبيد والدكتور يوسف بطرس، وأبقيت صورة معى، لتوقعى سؤال الرئيس نظرا لاهتمامه بسرعة الانتهاء من إعداد الموازنة، ولتوقعى أن يسأل أيّا منا فنخبره بإتمامها.
صباح اليوم التالى، طلبنى الرئيس للقاء، وسأل عما تم فى مشروع الموازنة فأخبرته أن الإعداد تم فعلا، فطلب إلىّ أن أوافيه به وعرضت عليه الأمر، وعند الانتهاء لم يقل شيئا إلا أنه ابتسم.
فى 25 يونية 1995 وقع حادث أديس أبابا وكان مؤلما للجميع، ولكن لاحظت بعد عودة الرئيس فى شهرى يوليو وأغسطس، أن بدأ العد التنازلى لبقاء حكومة الدكتور عاطف صدقى، حيث أخذ يسألنى عن بعض الأمور ويسأل غيرى من الوزراء دون علم رئيس الوزراء، رغم هذا وقع فى خلد الدكتور عاطف صدقى قناعة فى حكم اليقين، بأنه باق فترة أخرى، لا تقل عن ثلاث سنوات، وكان يذكر لنا هذا كثيرا، فمثلا يقول: إن الرئيس طلب منه أمورا يتطلب إنجازها ثلاث سنوات أخرى.
نهب أراضى الدولة
فى نهاية عام 1995، لاحظت أن وزارة التعمير بدأت التحرك فى إقامة ما يسمى بالقاهرة الجديدة، لتشمل التجمعات رقم واحد واثنين وخمسة، فأسرعت بإعداد مذكرة بصفتى وزيرا للتخطيط للعرض على مجلس الوزراء، فى سجلات مجلس الوزراء. ولقد أوضحت أن الأمر فى منتهى الخطورة فلا يمكن أن تتسع القاهرة لأكثر مما هى عليه الآن، فوفقا للبيانات عن البنية الأساسية وخصوصا الصرف الصحى ومياه الشرب والكهرباء، لم يغط الحيز العمرانى لمنطقة مصر الجديدة بأكملها والتى بدأ التعمير والبناء بها منذ ما يقرب من مائة سنة إلا نحو 67 ٪، ومنطقة مدينة نصر التى بدأ البناء بها منذ نحو خمسة وعشرين عاما، لم تصل البنية الأساسية بها إلا إلى نحو 27 ٪، فكيف يضاف إلى القاهرة الكبرى مساحات أخرى تحت مسمى القاهرة الجديدة، فأصدر مجلس الوزراء قرارا فى 18 أكتوبر 1995، ينص على إيقاف العمل فى التجمعات المشار إليها، كما قرر عندما تبين أن بعض الأفراد أو الهيئات سدد بعض الأموال لشراء بعض الأراضى أن تعاد فورا إلى أصحابها.
يعتبر شهرا نوفمبر وديسمبر 1995، نهاية فترة الدكتور عاطف صدقى ولكن لم يكن أحد منا يعلم ذلك، إذ وصلت الأمور إلى مرحلة من عدم الرضا فى الشارع المصرى.. إثر ركود بسبب تدنى معدل النمو فى 1994/ 1995 إلى نحو 3.5٪، وهو لا يمثل زيادة مقبولة إذا وضعنا فى الاعتبار معدل نمو السكان، بما يعنى عدم ارتفاع مستوى المعيشة. لهذا عقدت أربعة لقاءات متتالية على فترات قصيرة، كل أسبوع وعشرة أيام برئاسة الرئيس. الاجتماع الأول كان بحضور الدكتور عاطف صدقى والدكتور عاطف عبيد والدكتور محمد الرزاز والدكتور يوسف بطرس وأنا، وسأل الرئيس عن الوضع الاقتصادى، فأوضح الجميع أن الوضع طيب، لكنى أبديت أن الأمر ليس بهذا الشكل، فيكفى تدنى معدل النمو، مما يعنى ضعف معدل التشغيل ومحدودية إضافة عمالة جديدة، كما يعنى أن الإنتاج من مختلف السلع والخدمات محدود، ويؤدى هذا إلى ارتفاع الأسعار.
لقد استنفد كل ما أمكن من إضافة موارد جديدة فى صورة رسوم أو ضرائب. ويكفى أن أعطى مثلا واحدا: أن الدكتور الرزاز فرض جمارك على الصناديق التى تأتى من الخارج بما فيها توابيت الموتى.
وبعد أسبوع، عقد الرئيس اجتماعا ثانيا بحضور المجموعة نفسها وتكرر ما حدث فى الاجتماع الأول، أكد الجميع على سلامة وكفاءة أداء الاقتصادى القومى إلا أننى لم أحد عما قلت. ويعلم الله وحده، أننى لم أستهدف إطلاقا أى هدف شخصى، ولكنى أبدى ما اقتنعت به من أجل صالح الوطن، وهو ما كنت أعلنه دائما فى لقاءاتنا التى لم يحضرها الرئيس. لقد طلبت منهم كثيرا أن نعيد النظر فى إيقاف هذا العبء المتزايد بسبب فرض رسوم وضرائب، وبما يسهم فى التشجيع على الاستثمار والتصدير، ويتيح فرص عمل جديدة ويزيد من القوة الشرائية للمجتمع. أوضحت هذا لهم من قبل، كما أوضحته أمام الرئيس فيما بعد. وتكرر الأمر فى اجتماع ثالث، وفى تلك المرة أذكر أن الدكتور عاطف عبيد قال للرئيس تعليقا على ما قلت: بأن الأمر ليس بهذا السوء، ولكن هناك استشراقة لابد أن نذكرها.. وقبل أن يستكمل قال الرئيس: أنا أحب أن أسمع الغم الذى يقوله كمال ولا أحب أن أسمع الاستشراقة طالما لم تقدم دلالاتها.
• الرزاز فرض ضرائب على «توابيت الموتى».. وشركات «توظيف الأموال» استغلت الدين فى دعايتها عن «الربح الحلال»
شركات توظيف الأموال
فى نهاية عام 1988، كانت الصحافة تنشر والحكومة تجتمع وتعلن، أنها بصدد إصدار قانون جديد ينظم توظيف الأموال. طلبت فى الاجتماع الأول من الدكتور عاطف صدقى أن ننتهى من إصداره فى أيام قليلة، وتجريم هذه الأمور، وتوفير الضمانات اللازمة للمحافظة على أموال المودعين. ولكن للأسف، وكشأن أمور أخرى، طالت المدة عدة شهور حتى صدر القانون وبدأ تطبيقه فى أوائل عام 1989.
تبين حينما صدر القانون، أن عددا من أصحاب شركات التوظيف، حَوّل إلى الخارج مئات الملايين من الدولارات خلال الشهور التى سبقت صدوره. وأعتقد أنه لو صدر القانون فى الشهر الأول من بداية الحديث عن توظيف الأموال لأمكن تجنب خروج هذه الأموال، وعولجت مشكلات المودعين بشكل أفضل. ولكن استمرت معاناة المودعين لسنوات طويلة، بعد أن دمرت بيوتا وأسرا كثيرة، حيث تلاشت مدخرات الكثيرين الذين أغراهم الربح العالى، ولم يفطنوا إلى حقيقة اللعبة التى تتلخص فى «تلبيس طاقية ده لده»، أى أدفع الربح المبالغ فيه من أموال المودعين الجدد وهكذا، وطبعا عند أول تعثر تنكشف الشركة وتضيع الأموال.
كان التباطؤ خطأ الحكومة، وقد عانى المودعون من هذا الخطأ، فكيف يتصور البعض أن هذه الشركات يمكن لها أن تحقق أرباحا يسمح لها أن تدر عائدا يصل إلى 35 ٪. وكان هناك أطراف أخرى ساهمت فى أخطاء هذه الشركات، حيث ظهر بعض المسئولين فى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة للإعلان عن نشاطها، واستغلت هذه الشركات الدين فى دعايتها عن الربح الحلال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق