بالأمس القريب، شاهدت فيلم بعنوان "الحليف - Allied" ، قصة الفيلم عن عمل مخابراتي وجاسوسية أثناء الحرب العالمية الثانية، بالطبع ليس هو أول عمل سينمائي أشاهده، ولكي يُحقق أي عمل جديد النجاح لابد أن يتناوله المؤلف والمخرج من زاوية أخرى غير مكررة، وبالتالي يترك أثراً جديداً على المشاهد، الفيلم شأنه شأن جميع الأفلام الغربية، تهتم جداً بالتفاصيل الدقيقة، ولك أن تتخيل أنَّ هذا فى الأفلام العادية الدرامية والكوميدية، فكيف يكون الإهتمام بعمل فني تتناول قصته جانب من أعمال المخابرات وتعاملها مع الجواسيس، ودورها فى دعم حلفائها أو تصفية أعدائها ؟! .. من المهم جداً، أن نتذكر أن أي عمل لمخابرات أجنبية داخل حدود أي دولة، لا يمكن أبداً أن يتم بأي صورة إلا عن طريق عملاء محليين متعاونين لسبب ما، فقد يكون من أجل المال فقط، وقد يكون لعداء مع النظام الحاكم، وهذا ما جاء بالفيلم، فى صورة دعم من مخابرات أجنبية، لجماعات مقاومة للنظام، وحتى لا نسترسل طويلاً فى شرح قصة الفيلم، دعني عزيزي جوجل أن أذكر مشهدين قد لفتا نظري وتوقفت عندهما كثيراً، المشهد الأول : جملة مكتوبة داخل المقر العسكري(Remember, the enemy is listening) وترجمتها بالطبع تعرفها يا جوجل (تذكَّر، العدو يُصغي)، ولا أخفي عليك أني حين قرأتها شعرت بخيبة كبيرة، خاصة حين تعرف أن زمن هذ العمل أثناء الحرب العالمية الثانية، إذ تذكرت كم الشائعات أو الأخبار الكاذبة والمخجلة التى مرت بنا خاصة على مدار الست سنوات الماضية، ويحضرنى منها مؤخراً حضور مستشار مزيف للرئاسة مؤتمراً يحضره الرئيس، وتكتشفه صحيفة المصري اليوم وليس الجهات الأمنية، ومر بخاطرى أيضاً أثناء مشاهدة الفيلم، كَمّ الأخبار التى يتناقلها نقلاً وبالمسطرة بعض الناس الطيبين عن أعمال لا يمكن أن يكون مصدرها إلا أجهزة مخابراتنا وبدون أي مصدر، وكان آخرها عملية جبل الحلال ومئات المليارات التى تم اكتشافها وأمور كثيرة لا تدعو سوى للشفقة وليس الفخر، هذه أمثلة سريعة تذكرتها وأنا أقرأ (تذكر أن العدو ينصت) واعلم يا جوجل أن هناك أناس طيبين أيضاً لن يقتنعوا بفداحة تلك الأمثلة وخطرها، بل على العكس، سيهونون كثيراً منها ويتضاحكون، وربما لم يصل إدراكهم بعد أن العمل الجاسوسي تعدى الآن مرحلة الإنصات وجمع المعلومات، فأمورنا الآن أصبحت مكشوفة للجميع، حتى أخبار تسليحنا، لم تعد سراً حربياً من الدرجة الأولى، لا يدركون أن العمل الجاسوسي يسبق العمل العسكري، ولا يقل عنه أهمية، بل أحياناً كثيرة يُكتفى بالعمل الجاسوسي الناجح، إذا حقق هدفه وكسر الروح المعنوية للدولة المستهدفة، وبدون أي تدخل عسكرى مسلح!! شعرت بحزن وخجل شديد وأنا أتخيل العدو وهو يقرأ ويتابع تلك النوعية شديدة السذاجة من الأخبار وكيف يستقبلها أو يحللها، وشعرت بحزن أشد لأنني لم أجد من ينتبه لذلك، وإن تنبه فلم يتمخض عقله إلا أن يحجب رأي، ويمنع ويصادر جريدة أو كاتب أو برنامج، وسألت نفسي: (هل ذلك يرفع من درجة الوعى؟ هل وحدة الصف في أن تكون جموع الشعب كورال من الببغاوات مهما كان اللحن نشازاً ومهما كانت الكلمات رديئة؟! ، هل سننتصر على العدو حين ننعق كالغربان؟! ) .. المشهد الثاني : استدعاء بطل الفيلم للتحقيق معه فى اشتباه قيام زوجته بالتجسس ونقل معلومات، برغم كونه أحد القيادات العسكرية المهمة والذي نفَّذ أعمال بطولية، ولم يشفع له ذلك كله فلا أحد فوق مستوى الشبهات، وتذكرت مدى الحساسية التى أصابتنا وقسمتنا وصنفتنا بدون تمييز ووصمتنا بالتهم، من مجرد حوار يذكر فيه اسم الجيش، أو ظابط جيش، ونسينا أننا فى عام 1978 أنتجنا فيلم "الصعود إلى الهاوية" عن قصة لصالح مرسي، تدور أحداثها أثناء حرب الاستنزاف، وهى قصة حقيقية مأخوذة من ملفات المخابرات، تورط فيها ضابط مهندس.. هل تعلم يا جوجل، أن صباح اليوم التالى قد شاءت الأقدار أن أقرأ بالصحف نقلاً عن جريدة إسرائيلية، تشكيكاً فى قصة رأفت الهجان"رفعت الجمال"، لم أهتم بالأمر كثيراً، ولكني لم أجد من يرد على هذا الإدعاء ويدرك أيضاً فداحته التى ذكرتها من قبل، وهي إضعاف الروح المعنوية، وتحطيم أي نموذج بطولي عشناه، وسألت نفسي: (لماذا توقفنا عن إنتاج تلك الأعمال؟!)، وللأسف لم أجد إجابة ..
الأربعاء، 8 مارس 2017
صديقى العزيز جوجل (6) : الحليف
بالأمس القريب، شاهدت فيلم بعنوان "الحليف - Allied" ، قصة الفيلم عن عمل مخابراتي وجاسوسية أثناء الحرب العالمية الثانية، بالطبع ليس هو أول عمل سينمائي أشاهده، ولكي يُحقق أي عمل جديد النجاح لابد أن يتناوله المؤلف والمخرج من زاوية أخرى غير مكررة، وبالتالي يترك أثراً جديداً على المشاهد، الفيلم شأنه شأن جميع الأفلام الغربية، تهتم جداً بالتفاصيل الدقيقة، ولك أن تتخيل أنَّ هذا فى الأفلام العادية الدرامية والكوميدية، فكيف يكون الإهتمام بعمل فني تتناول قصته جانب من أعمال المخابرات وتعاملها مع الجواسيس، ودورها فى دعم حلفائها أو تصفية أعدائها ؟! .. من المهم جداً، أن نتذكر أن أي عمل لمخابرات أجنبية داخل حدود أي دولة، لا يمكن أبداً أن يتم بأي صورة إلا عن طريق عملاء محليين متعاونين لسبب ما، فقد يكون من أجل المال فقط، وقد يكون لعداء مع النظام الحاكم، وهذا ما جاء بالفيلم، فى صورة دعم من مخابرات أجنبية، لجماعات مقاومة للنظام، وحتى لا نسترسل طويلاً فى شرح قصة الفيلم، دعني عزيزي جوجل أن أذكر مشهدين قد لفتا نظري وتوقفت عندهما كثيراً، المشهد الأول : جملة مكتوبة داخل المقر العسكري(Remember, the enemy is listening) وترجمتها بالطبع تعرفها يا جوجل (تذكَّر، العدو يُصغي)، ولا أخفي عليك أني حين قرأتها شعرت بخيبة كبيرة، خاصة حين تعرف أن زمن هذ العمل أثناء الحرب العالمية الثانية، إذ تذكرت كم الشائعات أو الأخبار الكاذبة والمخجلة التى مرت بنا خاصة على مدار الست سنوات الماضية، ويحضرنى منها مؤخراً حضور مستشار مزيف للرئاسة مؤتمراً يحضره الرئيس، وتكتشفه صحيفة المصري اليوم وليس الجهات الأمنية، ومر بخاطرى أيضاً أثناء مشاهدة الفيلم، كَمّ الأخبار التى يتناقلها نقلاً وبالمسطرة بعض الناس الطيبين عن أعمال لا يمكن أن يكون مصدرها إلا أجهزة مخابراتنا وبدون أي مصدر، وكان آخرها عملية جبل الحلال ومئات المليارات التى تم اكتشافها وأمور كثيرة لا تدعو سوى للشفقة وليس الفخر، هذه أمثلة سريعة تذكرتها وأنا أقرأ (تذكر أن العدو ينصت) واعلم يا جوجل أن هناك أناس طيبين أيضاً لن يقتنعوا بفداحة تلك الأمثلة وخطرها، بل على العكس، سيهونون كثيراً منها ويتضاحكون، وربما لم يصل إدراكهم بعد أن العمل الجاسوسي تعدى الآن مرحلة الإنصات وجمع المعلومات، فأمورنا الآن أصبحت مكشوفة للجميع، حتى أخبار تسليحنا، لم تعد سراً حربياً من الدرجة الأولى، لا يدركون أن العمل الجاسوسي يسبق العمل العسكري، ولا يقل عنه أهمية، بل أحياناً كثيرة يُكتفى بالعمل الجاسوسي الناجح، إذا حقق هدفه وكسر الروح المعنوية للدولة المستهدفة، وبدون أي تدخل عسكرى مسلح!! شعرت بحزن وخجل شديد وأنا أتخيل العدو وهو يقرأ ويتابع تلك النوعية شديدة السذاجة من الأخبار وكيف يستقبلها أو يحللها، وشعرت بحزن أشد لأنني لم أجد من ينتبه لذلك، وإن تنبه فلم يتمخض عقله إلا أن يحجب رأي، ويمنع ويصادر جريدة أو كاتب أو برنامج، وسألت نفسي: (هل ذلك يرفع من درجة الوعى؟ هل وحدة الصف في أن تكون جموع الشعب كورال من الببغاوات مهما كان اللحن نشازاً ومهما كانت الكلمات رديئة؟! ، هل سننتصر على العدو حين ننعق كالغربان؟! ) .. المشهد الثاني : استدعاء بطل الفيلم للتحقيق معه فى اشتباه قيام زوجته بالتجسس ونقل معلومات، برغم كونه أحد القيادات العسكرية المهمة والذي نفَّذ أعمال بطولية، ولم يشفع له ذلك كله فلا أحد فوق مستوى الشبهات، وتذكرت مدى الحساسية التى أصابتنا وقسمتنا وصنفتنا بدون تمييز ووصمتنا بالتهم، من مجرد حوار يذكر فيه اسم الجيش، أو ظابط جيش، ونسينا أننا فى عام 1978 أنتجنا فيلم "الصعود إلى الهاوية" عن قصة لصالح مرسي، تدور أحداثها أثناء حرب الاستنزاف، وهى قصة حقيقية مأخوذة من ملفات المخابرات، تورط فيها ضابط مهندس.. هل تعلم يا جوجل، أن صباح اليوم التالى قد شاءت الأقدار أن أقرأ بالصحف نقلاً عن جريدة إسرائيلية، تشكيكاً فى قصة رأفت الهجان"رفعت الجمال"، لم أهتم بالأمر كثيراً، ولكني لم أجد من يرد على هذا الإدعاء ويدرك أيضاً فداحته التى ذكرتها من قبل، وهي إضعاف الروح المعنوية، وتحطيم أي نموذج بطولي عشناه، وسألت نفسي: (لماذا توقفنا عن إنتاج تلك الأعمال؟!)، وللأسف لم أجد إجابة ..
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق