تستأنف محكمة جنايات القاهرة، محاكمة مبارك والعادلي في «قتل المتظاهرين» باستكمال مرافعات النيابة، الثلاثاء، وكانت قد أرجأت مرافعة الدفاع لـ5 مايو المقبل.
واستمعت المحكمة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، في الجلسة السابقة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، وعضوية المستشارين إسماعيل عوض، ووجدي عبدالمنعم، وأمانة سر محمد السنوسي وصبحي عبدالحميد لمرافعة النيابة في قضية قتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير المتهم فيها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ونجلاه علاء وجمال، ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من مساعديه.
وبدأ المستشار وائل حسين، المحامي العام الأول لنيابات شمال القاهرة، مرافعته بتلاوة قوله تعالى «قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير»، وقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، ثم قال:«إن قضية اليوم حالة استثنائية بكل المقاييس إنها قضية شعب يحاكم من كان يومًا رئيسًا وضحايا قتلوا، ولم يعلموا بأي ذنب قتلوا سوى إرادتهم أن يكون الوطن أفضل، لكن مدت يد بعض أبناء هذا الوطن لقتل أبناء شعبه، وارتكبوا جريمة القتل، وبعضهم ندم على ذلك، والبعض الآخر ما زال يعتقد أنه الصواب».
وأضاف: «القضية التي تنظرونها اليوم تختلف عن قضايا القتل، التي نظرتموها من قبل، فهذه القضية فيها نساء رملت وأطفال يتمت، وتعتلينا الحسرة والألم على أمة فقدت بعض رجالها وشبابها ونسائها، بل أطفالها في سبيل الحرية والاعتراض على تردي الأوضاع الاجتماعية. إن القضية بها عدة اتهامات منسوبة للمتهمين، منها قتل المتظاهرين والفساد المالي، والاتهام الأساسي فيها هو قتل المتظاهرين السلميين، وهي قضية فريدة في أطرافها، ولأول مرة في تاريخ مصر يكون الجناة في قضية قتل هم رأس نظام يدير البلاد، إضافة إلى وزير داخليتها، حيث بلغ عدد الشهداء على أيديهم 225 شهيدًا و1635 من المصابين، وهؤلاء خيرة أبناء الوطن».
وأشارت النيابة إلى أن هؤلاء شباب جادوا بأنفسهم، وضحوا بأرواحهم الطاهرة وسلامة أبدانهم، من أجل تحرير الكرامة والحرية المسؤولة من كل قيد من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، وإصلاح الأوضاع الاقتصادية المتردية، والقضية بداية عصر جديد من الحرية والديمقراطية. ووصفت النيابة في مرافعتها نظام «مبارك» بأنه مستبد سعى لتوريث الحكم، وتفشى الفساد بداخله، ولم تتم في لحظة محاسبة هؤلاء الفاسدين، نتيجة احتمائهم في السلطة، وأصبح المواطن آخر اهتمام النظام، والحركات السياسية مثل حركتي كفاية و6 أبريل اللتين ظهرتا منذ عام 2006 سبب فاعليات الثورة وحدوثها، مشيرًا إلى أن هذا النظام لم يكتفِ بذلك بل زور انتخابات 2010 والغريب أن «مبارك» خرج ليشيد بنزاهة الانتخابات، وحدثت الثورة نتيجة مقتل أحد الشباب بالإسكندرية على يد قوات الأمن، إضافة لنجاح ثورة تونس.
وأضافت النيابة أن المتهمين حرضوا على قتل المتظاهرين، وهذا يشير إلى اشتراكهم في جرائم الاعتداء على المتظاهرين، والاشتراك جاء بالاتفاق، حيث يتكون من اتحاد النية والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية تكون من النفس، وليس لها أمارات ظاهرة.
وأشارت النيابة إلى أن حالات الوفيات والإصابات تمت أثناء اشتراك المجني عليهم في المظاهرات السلمية، اعتراضًا على تردي الأوضاع الاجتماعية، وتلك الإصابات كانت ناتجة من رجال الشرطة، نتيجة تحريض، واقتراف ومساعدة من المتهمين.
واستندت النيابة في المرافعة لأقوال بعض الشهود من المصابين، وقالت إن علاء عبدالله عبدالرحمن شاهد 3 سيارات مدرعة أمام الجامعة الأمريكية تطلق القنابل المسيلة للدموع، إضافة إلى أن قوات الشرطة أطلقت الأعيرة النارية «فرد خرطوش» على المتظاهرين السلميين في ميدان الأربعين بالسويس، وتسببوا في إصابة أحد المتظاهرين، ونتج عنها استئصال الطحال، كما قال بعض الشهود بينهم وائل أحمد عبدالرحمن إنه حال سيره بشارع الجلاء في طنطا فوجئ بقوات الأمن المركزي تطلق الأعيرة النارية وأصيب في عينيه.
وأضافت النيابة في مرافعتها أن الشهود بمحافظات الإسكندرية والسويس الغربية والقليوبية والشرقية وبني سويف قالوا إنهم حال مشاركتهم في المظاهرات السلمية تصدت لهم قوات الشرطة بعنف، وأطلقت عليهم الأعيرة النارية مما نتج عنها إصابة بعضهم بعاهات متمثلة في انفجار بالعيون.
وتابعت النيابة مستندة في مرافعتها إلى شهود من غير المصابين بقولهم إنهم شاهدوا الشرطة تدهس المتظاهرين بالسيارات لتفرقتهم بقصد قتلهم في ميدان التحرير، إضافة إلى قتل الصحفي أحمد محمد محمود في شرفة مكتبه، حيث صوب أحد الضباط النيران عليه، وأصيب في رأسه وفارق الحياة.
وانتقل في مرافعته لما حدث في محافظة السويس بقوله إنها شهدت مظاهرات سلمية، وأطلقت قوات الشرطة الأعيرة النارية بكل أنواعها وأحد الشهود الذي استند إليهم في المرافعة شاهد جثث المجني عليهم، وأدى هذا المشهد إلى زيادة تدفق المواطنين، الذين استمروا في التظاهر حتى 28 يناير 2011، وتخلت الشرطة عن مواقعها فيما بعد.
واستند في مرافعته لمجموعة من الشهود من الأطباء، وهم منى نعيم غبريـال، طبيبة بشرية، إخصائية أطفال، شهدت أنها بتاريخ 28 يناير 2011 بالمستشفي الميداني وردت إليها حالات إصابات جسيمة، أو قاتلة، وتم نقل هذه الحالات الخطرة إلى المستشفي.
وقال شادي طارق محمد الغزالي حرب، مدرس مساعد بكلية الطب، إنه حال تواجده في ميدان التحرير، ومشاركته في المظاهرات شاهد قوات الأمن تعتدي على المتظاهرين بالرصاص المطاطي، بينما قال الدكتور أيمن صلاح الدين حلمي إنه شهد في غضون الفترة من 28 يناير حتى 4 فبراير 2011 حال مباشرة الأعمال بقسم الحوادث بمستشفي قصر العيني ورود حالات مصابة برصاص الخرطوش والأعيرة النارية، وبفحص تلك الإصابات تبين تعمد مطلق الرصاص إصابة هؤلاء، إضافة إلى شهادة مروة متولي، طبيبة بقصر العيني، أنها كانت تعالج المصابين، وأجرت عمليات جراحية بالعين للعديد من المصابين، نتيجة إصاباتهم بانفجار العين.