الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

صديقى العزيز (جوجل) 12



في يوم الأربعاء الموافق 4 أبريل 2018، وجهت إلى أصدقائي بصفحة الفيس يوك، هذه الأسئلة، : - عرف الوعي .
- أذكر كيف يتكون؟
- أذكر كيف تستطيع المساهمة بنشره؟
وكان من الممكن جدا أن أكتب على صفحتي مقال طويل عريض يشرح ما هو مفهوم الوعي، وأنواعه، وكيف يتكون وعلاقة الوعي بالادراك والفرق بينهما، ولكنى أؤمن جدا بأن الإجابات السهلة  ليست الوسيلة الأمثل للتعلم، وأن كل ما يأتي سهلا يذهب سهلا، وما كان لي هدف من أسئلتي إلا أن أحرك بعض العقول التي سكنت وخملت ربما تعود إلى طبيعتها التي وهبها الله لها، وأمرها بالتفكر والتدبر
الذي يحول دون جمود العقل والوقوع في براثن السذاجة، كما تحول ممارسة رياضة المشي والركض دون تيبس المفاصل، والتعرض للسمنة.
وسأنتهز تلك الفرصة ياجوجل، لكي أحكي لك قصة حدثت معي في أحد أيام الجمعة من  شهر فبراير الماضي.
دخلت محل لبيع السمك عرفني به صديق عزيز مؤخرا، صاحب المحل ملتحي، وهنا يجب أن نتوقف قليلا لأعترف لك بأمرين، الأول،  أني لم أعد أميز بين صاحب اللحية هل هو سلفي أم إخواني.
الأمر الثاني، برغم ما عانيته كثيرا مع أصحاب اللحى إلا أنني أعود وأتعامل معهم من جديد، من مبدأ لا تزر وازرة وزر أخرى.
كان صاحب المحل الملتحي أمينا جدا معي، وفي يوم الجمعة الذي ذكرته لك، وبعدما انتهيت من صلاة الجمعة، دخلت إلى المحل المجاور للمسجد، ووجدت هناك رجلين آخرين، بنفس اللحية والجلباب الرمادي والطاقية البيضاء والشبشب البلاستيك الأبيض، عرفني بهما صاحب المحل وهو يشير إلى الأول قائلا: الشيخ زايد إمام الزاوية، وعرف الثاني، بالدكتور الشيخ محمود.
كان الشيخ زايد يقترب من منتصف الثلاثينيات، بينما الدكتور الشيخ محمود، لم يبلغ الثلاثين عاما، وكعادتي انتهزت فرصة وجودهما ووجهت حديثي للشيخ و الإمام فلان قائلا له : هل يجوز لي أن أصلي خلف إمام أدرك جيدا أنه رجل كاذب؟!
ولمحت سريعا على وجوههم الارتباك، ثم بعد فترة صمت وجيزة رد الشيخ زايد قائلا: إن الإمام بشر، وليس ملاك كما تظنون، فقلت له يا شيخ: ألا تعلم أن رسولنا الكريم(ص) قال: المؤمن لا يكذب؟ فمال بال الإمام؟ وألم تعلم أن الإمامة لمن هو أفضل علما، فإذا تساوى في العلم فيكون لمن هو أكبر سنا؟ فكيف يستقيم العلم مع الكذب؟
زاد إرتباكهم وطالت فترة الصمت وتبادل لنظرات بينهم، فقلت من باب تخفيف وطأة حرجهم، أنا أتكلم معكم بهدف خدمة مفهوم  الدين وليس التجريح في أحد، وسأذكر لكم مثال وأريد أن أسمع رأيكم، ولكي نيسر من فهم الدين، ولا نسطح منه.
وهنا وجهت حديثي للشيخ الدكتور وسألته: هل أنت دكتور في الفقه أم الشريعة؟
- لأ ، أنا طبيب أمراض دم.
- د. محمود، لقد تعلمنا من الأحاديث، أن من بنى مسجدا، بنى الله قصرا له بالجنة، فهل لي أن أعرف أين يسكن من لم يبن مسجدا؟هل يعيش فى العراء؟

نظر إلي ً د. محمود وكأنني أهذي ثم قال: هكذا عرفنا من الأحاديث.
- ولهذا أكرر سؤالي مرة أخرى، وأضيف إليه، أن الجنة كما بلغنا القرآن، فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت، وأن ما يفكر فيه الإنسان يجده في الحال.
قال د/ محمود:
 جاء أيضا بالأحاديث أن من قرأ سورة " الصمدية"، قل هو الله أحد، بنى الله له قصرا بالجنة.
- ولكنكم لا تذكرون ذلك على المنابر، فقط تذكرون فضل بناء المساجد.
- لأن، من يبني مسجدا يحصد حسنات جموع المصلين فيه.
عشرون متر فقط كانت تفصل بين المحل الذي نقف فيه وبين المسجد، بينما يواجه المسجد زاوية أخرى عرفت أنها تغلق أثناء صلاة الجمعة، فأشرت للطبيب الشيخ إليها قائلا: هذه الزاوية مثلا، من الممكن أن نحولها إلى مستوصف صحي، يعمل فيه ممرضتان، يقدمان خدمة لأهل الحي كقياس الضغط والسكر وتضميد الجروح، وخدمة الحقن، ولن يكوون تكلفة ذلك أكثر مما ننفقه على الزاوية، ومن الممكن أن نستعين بأطباء الحي لتقديم ساعة أسبوعية للكشف المجاني، وليكن يوم الجمعة، وسينال أيضا صاحب الزاوية الحسنات والثواب من وراء ذلك.
ومن الممكن أن يتم تحويلها إلى حضانة أطفال بأجر رمزي تخدم الغير قادرين من أهل الحي ونخفف عنهم عبء المصاريف العالية للحضانات، ومن الممكن أن نحولها إلى مكتبة عامة لأهل الحي لنشجع الشباب على القراءة ونقيم بها ندوات ثقافية شهرية وكل ذلك سيعود أثره على المجتمع وسينال الثواب أيضا صاحب الزاوية.
لم يرد أحد من الشيوخ، لا الشيخ زايد، ولا الطبيب الشيخ وساد صمت طويل قطعته مرة أخرى موجها حديثي للطبيب الشيخ :
 
- د. محمود، للعام الثاني يأتيني رسالة على الواتس آب نصها كالتالي، (شهر رمضان سيكون أن شاء الله يوم السادس عشر من شهر مــــــايـــو المقبل
2018/5/16، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا سبق شخص باخبار شخص آخر بالشهر المبارك حرمت عليه النار لقد بلغتك أتمنى أن تقوم بالواجب وأن تخبر جميع من تحبهم واطلب من الله عز وجل أن يبعد النار عنا جميعا) وفتحت له الرسالة لكي يطلع عليها بنفسه.
وأطلعته أيضا على إجابتي على الرسالة، والتي كان نصها كالتالي لن أخبر أحد، كل عام وأنت بخير، ولا يوجد حديث بهذا النص.
وبمجرد ما قرأهما، قال لي : لا يجوز لك أن تنكر حديث بدون الرجوع إلى قراءة كتب البخاري.
وعند ذلك، جهت سؤالي للطبيب الشيخ والامام زايد معا: ما هي معجزة القرآن التي تعلمناها في إبتدائي؟
وتلفت كل منهما للأخر وكأن على رؤسهما الطير وساد الصمت.
فقلت  لهما: هي البلاغة، ثم وجهت حديثي للشيخ الطبيب قائلا:لكي تفهم معنى البلاغة لابد أن تفهم اللغة، ولو كنت تفهم اللغة وكنت قرأت كتب البخاري بتمعن، وقرأت سيرة الرسول(ص) والصحابة، لكنت اكتشفت أن لفظ " شخص" ليس له وجود في كل في كل تلك الكتب، وأن المفردات التي كان يستخدمها الرسول(ص) هي رجل، عبدا، إمريء، ولذلك بمجرد قراءتي للحديث أستطيع أن أنكر وجوده بدون أسانيد وأدلة وقراءة كتب.
كان الشيخ الإمام زايد يسمع ولم يرد، بينما الشيخ الطبيب، استنكر إجابتي قائلا: أنت تنكر فضل العلماء ومجهودهم.
كان من السهل أن أنهي الحديث، ولكني كنت مستمتع بفرصة أتاحتها لي الصدفة أتعرف فيها على حجم العوار الذي أصابنا جميعا نتيجة أن يعتلي المنابر أمثال أصحاب تلك العقول.
8 أبريل 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق