رابط المقال على صحيفة الموجز الاليكترونية :
http://almogaz.com/news/opinion/2014/02/15/1340309
رابط المقال على جريدة الوطن العربي :
http://www.alwatanelaraby.com/2014/02/blog-post_6458.html
كل يوم يتزايد الحديث عن نظرية المؤامرة و كلما قرأت أو استمعت لها شعرت أن لدي مشكلة وأصبح من الضروري الإقٌتناع بها ، وقمت على الفور بمحاولة تطبيقها في كل ما أرى أو أسمع ، منذ سنوات طويلة لا أشاهد مسلسلات مهما كانت حتى لا أرتبط بمواعيد إذاعتها ، ولكن إذا رغبت في مشاهدة عمل يكون ذلك عبر قنوات اليوتيوب حسب أوقات فراغي ، آخر مسلسل شاهدته اسمه ( بدون ذكر أسماء ) للكاتب وحيد حامد ، هو مسلسل سياسي اجتماعي يرصد حركة الجماعات الإسلامية منذ بداية الثمانينيات ، أما لماذا تذكرته الآن ، فهو بمناسبة قرار حظر استيراد التوكتوك والدراجات البخارية لمدة عام ، كان لهذا الخبر الفضل في تحريك نظرية المؤامرة في عقلي والذي دائماً ما يرفضها ولا يُعول عليها كثيراً ، وحيد حامد تناول في المسلسل موضوع ربما يراه البعض ثانوي أو مجرد حشو وخيالات وهو باختصار قيام أحد الأشخاص من المسئولين البارزين والذي كان مرشح لمنصب محافظ بتجنيد حلاق حمير مستغلاً خبرته لكي يجمع له الحمير الجيدة لتصديرها إلى أفغانستان نظير عمولة محددة على كل حمار ، لم يكن هذا المسئول وحده بل كان هناك من هو أعلى منه يحركه ويرضى أحياناً عنه ويغضب كثيراً منه ، وعليك أن تسرح بخيالك من يكون هذا المسئول ..
ولما اشتد عندي الحس المؤامراتي وقرأت خبر الحظر، تذكرت المسلسل وتذكرت زياراتي إلى بعض القرى في السنوات الأخيرة لحضور مناسبة فرح أو عزاء ، تذكرت أنني فعلاً لم أعد أرى حميراً ولم أعد أرى راكبه الذي إذا مر بك ينزل لتحيتك ، وتذكرت العدد الكبير من التكاتك التي رأيتها أول مرة منذ ما يقارب تسع سنوات ، كانت تتحرك كالفئران ، والموتوسيكلات الصيني التي تتحرك كالسحالي بين المارة ، والأهم جداً كان ما رأيته من شبكة رصف كبيرة لطرق طويلة و ضيقة بين القرى تمر من داخل الأراضي الزراعية وكانت مجرد جسور وعرة لا تصلح حتى لاستخدام الدراجات العادية ، كانت طبعاً لابد منها لتهيئة الطريق ليستقبل الفلاحين حمارهم الحديد الجديد ، سألت شيخ بلد من الذي يقرر رصف تلك الطرق ؟ فأجابني المجلس المحلي بالقرية ، سألته : وهل لا يعلم المجلس المحلي أن ألف باء تشجيع البناء على الأراضي الزراعية يبدأ عند رصف طريق ؟ أجابني باندهاش : والله عندك حق ..
كانت نظرية المؤامرة تزداد اشتعالاً في رأسي ، لا أحد يمنحنا شئ لله ، وتذكرت المنحة التي قدمتها اليابان لمصر في الثمانينيات لتنفيذ محطات كهرباء لريف مصر، اليابان تريد فتح أسواق لمنتجاتها من الأجهزة الكهربائية ومصر سوق كبير ، ريفه يشغل حوالي نصف عدد السكان ، يملك العديد منهم المال وخاصة الأعداد الكبيرة التي كانت تسافر للعراق ، منحة مجانية لا بأس منها أبداً ستعود عليهم بأرباح طائلة من تصدير الأجهزة الكهربائية ، كانت النتيجة التي وصلنا إليها ، لم يعد في مصر وجود لكلمة ريف ، فالقرى دخلتها الكهرباء والمياه ، وبدلاً أن تكون نعمة على الريف إلا أنها كانت أيضا نقمة ، تحولت القرى إلى مدينة صغيرة عشوائية فيها أكشاك بيع الطيور والعيش ، وورش النجارة والبوتيكات ، ينقصها فقط دور السينما حتى هذا الدور قامت به المقاهي بعض الوقت في زمن وجود الفيديو فانصرف الشباب وكثير من الكبار عن الزراعة التي كانت في الماضي تحتاج إلى النوم المبكر والإستيقاظ المبكر، وارتفع فيها العمران إلى خمسة أدوار واختفت حظائر المواشي من البيوت ، وأصبح الكل يرغب في لقب الأستاذ وزهد أن يكون فلاحاً لأننا نظرنا إليهم نظرة دونية وتناولناهم دائماً بالسخرية ، فهجروا الزراعة وساهم بشكل كبير سفر الكثير منهم إلى العراق ورغبتهم في بناء منازل للزواج بتبوير الأرض الزراعية ، ولا ألوم عليهم بقدر ما ألوم المسئولين الذين تغاضوا عن توفير حل لمشكلتهم في نفس الوقت الذي لم تكن فيه أسعار الأراضي في المدن الجديدة في متناول أيديهم بالإضافة إلى أن الدولة لم توفر لهم فرص عمل أو استثمارات تناسبهم وتحفزهم للهجرة إليها ، فتناقصت الأيدي العاملة والرقعة الزراعية فكانت هذه النتيجة ضياع الزراعة في مصر ، وضياع الأمن الغذائي وانهيار الإقتصاد بسبب الإستيراد ، لا تخطيط بالتعليم يناسب متطلبات الأسواق ، ولا تخطيط اقتصادي ، ولا تخطيط عمراني ، ولا تخطيط زراعي ، كله تخبط عشوائي ..
كان لابد من هذا التغيير الجذري في حياة الفلاح وفي الريف ليَسْهُل بعد ذلك هجرة الأرض وبيعها والبناء عليها ونقص مواردنا من الغذاء ومد أيدينا للخارج نستعطفهم أن يمدونا ليس فقط بالقمح بل بالفول والعدس ..
أخيرا شعرت براحة شديدة أني توصلت لمؤامرة واقتنعت بها جداً ، أن المؤامرة الكبيرة في غباء الحكام والمسئولين ، ولا أستبعد أبداً فكرة التواطؤ ..
http://almogaz.com/news/opinion/2014/02/15/1340309
رابط المقال على جريدة الوطن العربي :
http://www.alwatanelaraby.com/2014/02/blog-post_6458.html
كل يوم يتزايد الحديث عن نظرية المؤامرة و كلما قرأت أو استمعت لها شعرت أن لدي مشكلة وأصبح من الضروري الإقٌتناع بها ، وقمت على الفور بمحاولة تطبيقها في كل ما أرى أو أسمع ، منذ سنوات طويلة لا أشاهد مسلسلات مهما كانت حتى لا أرتبط بمواعيد إذاعتها ، ولكن إذا رغبت في مشاهدة عمل يكون ذلك عبر قنوات اليوتيوب حسب أوقات فراغي ، آخر مسلسل شاهدته اسمه ( بدون ذكر أسماء ) للكاتب وحيد حامد ، هو مسلسل سياسي اجتماعي يرصد حركة الجماعات الإسلامية منذ بداية الثمانينيات ، أما لماذا تذكرته الآن ، فهو بمناسبة قرار حظر استيراد التوكتوك والدراجات البخارية لمدة عام ، كان لهذا الخبر الفضل في تحريك نظرية المؤامرة في عقلي والذي دائماً ما يرفضها ولا يُعول عليها كثيراً ، وحيد حامد تناول في المسلسل موضوع ربما يراه البعض ثانوي أو مجرد حشو وخيالات وهو باختصار قيام أحد الأشخاص من المسئولين البارزين والذي كان مرشح لمنصب محافظ بتجنيد حلاق حمير مستغلاً خبرته لكي يجمع له الحمير الجيدة لتصديرها إلى أفغانستان نظير عمولة محددة على كل حمار ، لم يكن هذا المسئول وحده بل كان هناك من هو أعلى منه يحركه ويرضى أحياناً عنه ويغضب كثيراً منه ، وعليك أن تسرح بخيالك من يكون هذا المسئول ..
ولما اشتد عندي الحس المؤامراتي وقرأت خبر الحظر، تذكرت المسلسل وتذكرت زياراتي إلى بعض القرى في السنوات الأخيرة لحضور مناسبة فرح أو عزاء ، تذكرت أنني فعلاً لم أعد أرى حميراً ولم أعد أرى راكبه الذي إذا مر بك ينزل لتحيتك ، وتذكرت العدد الكبير من التكاتك التي رأيتها أول مرة منذ ما يقارب تسع سنوات ، كانت تتحرك كالفئران ، والموتوسيكلات الصيني التي تتحرك كالسحالي بين المارة ، والأهم جداً كان ما رأيته من شبكة رصف كبيرة لطرق طويلة و ضيقة بين القرى تمر من داخل الأراضي الزراعية وكانت مجرد جسور وعرة لا تصلح حتى لاستخدام الدراجات العادية ، كانت طبعاً لابد منها لتهيئة الطريق ليستقبل الفلاحين حمارهم الحديد الجديد ، سألت شيخ بلد من الذي يقرر رصف تلك الطرق ؟ فأجابني المجلس المحلي بالقرية ، سألته : وهل لا يعلم المجلس المحلي أن ألف باء تشجيع البناء على الأراضي الزراعية يبدأ عند رصف طريق ؟ أجابني باندهاش : والله عندك حق ..
كانت نظرية المؤامرة تزداد اشتعالاً في رأسي ، لا أحد يمنحنا شئ لله ، وتذكرت المنحة التي قدمتها اليابان لمصر في الثمانينيات لتنفيذ محطات كهرباء لريف مصر، اليابان تريد فتح أسواق لمنتجاتها من الأجهزة الكهربائية ومصر سوق كبير ، ريفه يشغل حوالي نصف عدد السكان ، يملك العديد منهم المال وخاصة الأعداد الكبيرة التي كانت تسافر للعراق ، منحة مجانية لا بأس منها أبداً ستعود عليهم بأرباح طائلة من تصدير الأجهزة الكهربائية ، كانت النتيجة التي وصلنا إليها ، لم يعد في مصر وجود لكلمة ريف ، فالقرى دخلتها الكهرباء والمياه ، وبدلاً أن تكون نعمة على الريف إلا أنها كانت أيضا نقمة ، تحولت القرى إلى مدينة صغيرة عشوائية فيها أكشاك بيع الطيور والعيش ، وورش النجارة والبوتيكات ، ينقصها فقط دور السينما حتى هذا الدور قامت به المقاهي بعض الوقت في زمن وجود الفيديو فانصرف الشباب وكثير من الكبار عن الزراعة التي كانت في الماضي تحتاج إلى النوم المبكر والإستيقاظ المبكر، وارتفع فيها العمران إلى خمسة أدوار واختفت حظائر المواشي من البيوت ، وأصبح الكل يرغب في لقب الأستاذ وزهد أن يكون فلاحاً لأننا نظرنا إليهم نظرة دونية وتناولناهم دائماً بالسخرية ، فهجروا الزراعة وساهم بشكل كبير سفر الكثير منهم إلى العراق ورغبتهم في بناء منازل للزواج بتبوير الأرض الزراعية ، ولا ألوم عليهم بقدر ما ألوم المسئولين الذين تغاضوا عن توفير حل لمشكلتهم في نفس الوقت الذي لم تكن فيه أسعار الأراضي في المدن الجديدة في متناول أيديهم بالإضافة إلى أن الدولة لم توفر لهم فرص عمل أو استثمارات تناسبهم وتحفزهم للهجرة إليها ، فتناقصت الأيدي العاملة والرقعة الزراعية فكانت هذه النتيجة ضياع الزراعة في مصر ، وضياع الأمن الغذائي وانهيار الإقتصاد بسبب الإستيراد ، لا تخطيط بالتعليم يناسب متطلبات الأسواق ، ولا تخطيط اقتصادي ، ولا تخطيط عمراني ، ولا تخطيط زراعي ، كله تخبط عشوائي ..
كان لابد من هذا التغيير الجذري في حياة الفلاح وفي الريف ليَسْهُل بعد ذلك هجرة الأرض وبيعها والبناء عليها ونقص مواردنا من الغذاء ومد أيدينا للخارج نستعطفهم أن يمدونا ليس فقط بالقمح بل بالفول والعدس ..
أخيرا شعرت براحة شديدة أني توصلت لمؤامرة واقتنعت بها جداً ، أن المؤامرة الكبيرة في غباء الحكام والمسئولين ، ولا أستبعد أبداً فكرة التواطؤ ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق