الجمعة، 3 يناير 2014

12‮ ‬مليار جنيه تبحث عن‮ “وريث‮”

قبل شهرين تلقي‮ ‬بنك ناصر الاجتماعي‮ ‬اشارة بوفاة المدعو محمد نجم داود في‮ ‬منزله بمصر الجديدة بدون أي‮ ‬وريث
له تشكلت لجنة وذهبت الي‮ ‬المنزل لتجرده،‮ ‬ولم‮ ‬يكن أحد من أعضاء اللجنة‮ ‬يتوقع أن‮ ‬يجد منزلاً،‮ ‬فمنزل الرجل مليء بالتحف والمجوهرات القيمة والانتيكات الفرنسية الشهيرة،‮ ‬بالاضافة لعدد من الأوسمة والنياشين والأحذية،‮ ‬فضلا عن مجموعة صور نادرة لصاحب المنزل مع كل الذين كانوا‮ ‬يحكمون مصر باللين والشدة طوال عهد عبدالناصر،‮ ‬فالرجل كان السكرتير الشخصي‮ ‬للمشير عبدالحكيم عامر،‮ ‬وكان اسمه أو اسم‮ »‬علي‮ ‬شفيق‮« ‬مدير مكتب المشير وقتها قادرا علي‮ ‬هز مصر،‮ ‬بداية من عبدالناصر وحتي‮ ‬صلاح نصر الذي‮ ‬كان‮ ‬يثير رعب الجميع،‮ ‬حتي‮ ‬جاءت نكسة‮ ‬67‮ ‬وانتحر المشير ليدخل اسم محمد نجم داود دوائر النسيان لمدة تجاوزت الـ‮ ‬40‮ ‬عاما‮.‬

ما‮ ‬يهمنا هنا الآن ثروة محمد نجم داود التي‮ ‬تحدثنا عنها قبل قليل فخلال‮ ‬6‮ ‬ساعات تحولت ثروة الرجل وكل ما جمعه في‮ ‬حياته ووضعه بشقته الي‮ »‬لوطات‮« ‬مغلقة بالشمع،‮ ‬تمهيداً‮ ‬لارسالها الي‮ ‬بنك ناصر لتباع في‮ ‬مزاد علني،‮ ‬وهو اجراء اعتيادي‮ ‬ينتهي‮ ‬بوضع عائدات المزاد في‮ ‬حساب خاص بالبنك لمدة‮ ‬33‮ ‬عاما حتي‮ ‬يظهر وريث لصاحب التركة،‮ ‬وفي‮ ‬حالة عدم ظهور أي‮ ‬من ورثته‮ ‬يحول العائد الي‮ ‬حساب ويوضع العائد لحساب الأيتام والأرامل والفقراء والمحتاجين،‮ ‬أما ملابس الرجل فقد وزعت في‮ ‬اليوم التالي‮ ‬للجرد علي‮ ‬فقراء بنك ناصر‮.‬
ما حدث لتركة محمد نجم داود حدث لتركات‮ ‬1117‮ ‬مصريا وأجنبيا رحلوا عن دنيانا دون أن‮ ‬يتركوا وراءهم أي‮ ‬وريث ظاهر،‮ ‬تاركين خلفهم‮ ‬40‮ ‬مليار جنيه في‮ ‬حسابات خاصة ببنك ناصر تحت مسمي‮ »‬تركات شاغرة‮« ‬تنتظر انتهاء مدة‮ ‬33‮ ‬عاما حتي‮ ‬ينعم بها الفقراء والمحتاجين والأرامل،‮ ‬أما التحف والقطع الأثرية فتهدي‮ ‬مجانا الي‮ ‬المجلس الأعلي‮ ‬للآثار‮.‬
وخلال العام الماضي‮ ‬فقط تلقي‮ ‬المجلس الأعلي‮ ‬للآثار من بنك ناصر‮ ‬50‮ ‬قطعة أثرية‮ ‬لا تقدر بثمن‮.. ‬وتقدر قيمة قائمة التركات بدون ورثة بـ‮ ‬12‮ ‬مليار جنيه،‮ ‬ويديرها قطاع التركات الشاغرة في‮ ‬بنك ناصر الاجتماعي‮ ‬منذ عام‮ ‬1971‮ ‬بعد أن حل بنك ناصر الاجتماعي‮ ‬محل بيت المال الذي‮ ‬كان‮ ‬يتبع وزارة الخزانة وقتها،‮ ‬حيث‮ ‬يطلق لقب‮ »‬تركات شاغرة‮« ‬علي‮ ‬الأموال‮ ‬المنقولة من أثاث ومجوهرات وتحف وسيارات ونقود وأسهم،‮ ‬أو العقارية بأنواعها المختلفة والتي‮ ‬تختلف عن تركة لمتوفين بدون ورثة سواء توفوا خارج مصر أو داخلها،‮ ‬وسواء كانوا مصريين أو أجانب،‮ ‬المهم أن التركة علي‮ ‬أرض مصر كما‮ ‬يقول اللواء عماد علوي،‮ ‬رئيس قطاع التركات الشاغرة ببنك ناصر الاجتماعي،‮ ‬مشيرا الي‮ ‬أن البنك‮ ‬يتلقي‮ ‬خبر وجود تركة بدون ورثة لمتوفي‮ ‬ما بطرق عدة،‮ ‬منها الاتصال الهاتفي،‮ ‬أو عن طريق البريد بالاضافة الي‮ ‬بلاغات الشرطة والنيابة أو عن طريق جيران المتوفي‮ ‬أو أصحاب العقار الذي‮ ‬يقيم به أو من المستشفيات أو الرقابة الادارية أو مباحث الأموال العامة أو أي‮ ‬طريقة أخري‮ ‬تكشف وجود تركة شاغرة،‮ ‬حيث تنتقل علي‮ ‬الفور لجنة من القطاع مع الشرطة الي‮ ‬منزل المتوفي‮ ‬للتحفظ عليها واخطار الشهر العقاري‮ ‬بوجود عنصر عقاري‮ ‬لإيقاف التعامل عليه،‮ ‬بعد ذلك تتم التحريات عن صحة البلاغ‮ ‬بعدم وجود أي‮ ‬ورثة للمتوفي‮ ‬ويتولي‮ ‬ذلك قسم الشرطة المختص وقطاع الأمن بالبنك وسؤال الجيران،‮ ‬بعد ذلك‮ ‬يتم النشر عن الوفاة في‮ ‬جريدتين‮ ‬يوميتين واسعتي‮ ‬الانتشار بحيث‮ ‬ينص الاعلان علي‮ ‬أن كل من له أو عليه حق في‮ ‬التركة التقدم خلال‮ ‬30‮ ‬يوما من‮ ‬تاريخ النشر عن الوفاة بمستندات تثبت أنه وريث،‮ ‬وفي‮ ‬حال ثبوت صحتها‮ ‬يتم الغاء التحفظ علي‮ ‬التركة،‮ ‬أما في‮ ‬حالة عدم تقدم أحد‮ ‬يتم استكمال الإجراءات القانونية حيال التركة وهي‮ ‬حصر وجرد وتقييم وبيع المنقولات في‮ ‬مزاد علني‮ ‬واشهار العقارات المتخلفة عن المتوفي‮ ‬لصالح البنك وبيعها ووضع عائد بيعها المادي‮ ‬في‮ ‬حساب خاص بالتركة بالبنك لمدة‮ ‬33‮ ‬عاما من تاريخ النشر بخبر الوفاة في‮ ‬الصحف وهذه الفترة في‮ ‬الماضي‮ ‬كانت‮ ‬15‮ ‬عاما فقط الا أن المحكمة الدستورية في‮ ‬حكم شهير عدلتها‮ ‬الي‮ ‬33‮ ‬عاما وإذا لم‮ ‬يظهر وريث بعد هذه‮ ‬الـ‮ ‬33‮ ‬عاما‮ ‬يتم‮ ‬توجيه تلك الأموال الي‮ ‬كافة أنشطة البنك الخاصة بالفقراء واليتامي‮ ‬وقروض المقبلين علي‮ ‬الزواج‮ ‬،‮ ‬أما ملابس المتوفي‮ ‬ومتعلقاته ترسل الي‮ ‬ادارة التكافل الاجتماعي‮ ‬بالبنك لتوزع علي‮ ‬الفقراء في‮ ‬الأعياد والمناسبات‮.‬
ولكن هل‮ ‬يحق للبنك تصفية تركة المتوفي‮ ‬بدون وريث؟
المستشار أحمد الخطيب،‮ ‬مستشار بنك ناصر الاجتماعي‮ ‬ورئيس المحكمة القانونية،‮ ‬يجيبنا عن هذا السؤال،‮ ‬ويؤكد أن ذلك الاجراء قانوني،‮ ‬حيث ان القانون‮ ‬أوجب سرعة تصفية هذه التركات بالبيع وايداع ثمنها لحساب التركة،‮ ‬وتخضع كل عمليات البيع لعناصر التركة للمزاد العلني‮.‬
وقال الخطيب ان البنك‮ ‬يتلقي‮ ‬في‮ ‬أوقات عديدة بلاغات كاذبة عن تركات شاغرة نكاية في‮ ‬مالكها،‮ ‬أو محاولة لاغتصاب تركة شاغرة تمثل‮ »‬مال عام‮« ‬من قبل مافيا الأراضي‮ ‬مثلاً،‮ ‬ويضيف‮: »‬إذا اكتشفنا أن التركة ظهر لها وريث خلال‮ ‬33‮ ‬عاما‮ ‬يتسلم فورا تركته بالكامل في‮ ‬شكل المبلغ‮ ‬النقدي‮ ‬الذي‮ ‬تم وضعه في‮ ‬حساب خاص بالبنك،‮ ‬أما الذهب والمجوهرات في‮ ‬التركة الشاغرة فيتم تقييمها بمعرفة خبير من مصلحة الدمغة و تباع في‮ ‬مزاد علني‮.‬



اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - الوفد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق