الأربعاء، 2 نوفمبر 2016

صديقي العزيز جوجل (4) : +18



بالطبع تعلم يا جوجل أني لو كتبت على صفحتى بالفيس بوك أننا فى المحروسة نعيش أيام صعبة للغاية وأن القادم وللأسف الشديد أسوأ بكثير؛ لانهال المواطنون الشرفاء من الأهل والأصدقاء عليّ بوصفي بالمُحْبِط والجاحد وفاقد البصر والبصيرة، ولا يخفى عليك أني حاولت جاهداً أن أعرف المعنى الحقيقي لكلمة مُحبط ولم أجد الوصف منطبق على ما أقول، لذلك لم أعد أُعر أحداً اهتماماً، أما حين يُصرح رئيس وزراء مصر "إسماعيل شريف" بأن الأيام المقبلة ستشهد ارتفاعاً بالأسعار ولن نستطيع السيطرة عليها، فيتقبلها نفس المواطنين الشرفاء بالصمت الرهيب، وربما لو ناقشتهم لوصفوه بالرجل الشجاع الصادق الذي يتعامل بشفافية مع شعب مصر العظيم ويتحمل الانتقادات الموجهة إليه، لا تضحك ولا تندهش يا جوجل، هذه هي الحقيقة التي لا أخجل من ذكرها، والتي تأتي في ظل واقع أليم نعيشه جميعاً.
وكيف أخجل وهم صدقوا
من قبل تصريحات المسئولين أن أسباب ارتفاع الدولار هو تحكم قلة من الأفراد والتجار والمؤامرات الكونية التى تكالبت علينا بسب إنجازاتنا التى يحسدنا عليها العالم، في الحقيقة هو لم يقل ذلك فقط، بل قال أيضاَ أننا من (الممكن) جداً بعد ثلاث سنوات أن نصل لضوء في نهاية النفق، وهو بذلك أقر ضمنياً أننا نسير في نفق مظلم.
الحقيقة أني كنت أود أن أقول وأنبه وأسجل على موقعكم العظيم، أن القادم للأسف أسوأ بكثير مما نعيشه لكي لا يفاجأ أحد، ولكي يتخذ كل منا حذره بالطريقة التي تناسبه، ولا يعول على قرض الصندوق الذي لم نتسلم منه أية دفعة حتى الآن، ولكن رئيس الوزراء الشجاع أعفاني من ذلك وقال بكل وضوح أن القرض لسد عجز الموازنة، وسداد جزء من مديونيات الدولة ولن ندعم به الجنيه!
جدير بالذكر يا جوجل، أن مالم يقله رئيس الوزراء وربما لن يقله أبداً أي مسئول بالدولة؛ ولا أعرف تحديداً أعن عمد أو جهل، هو لماذا يرتفع سعر صرف الدولار ؟!
وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نركز قليلاً ونسأل أنفسنا لماذا نحتاج للدولار؟!
وما هي مصادر الحصول على الدولار؟
والإجابة بكل بساطة، نحتاجها في مصر للستيراد، سواء الدولة نفسها، أو الأفراد، وكذلك لسداد القروض (الديون الخارجية )..
ولماذا نستورد؟! ولماذا نقترض؟!
والإجابة بكل بساطة أيضاَ لأننا في العقود الثلاثة الأخيرة أهملنا الزراعة والصناعة، أهملنا إنتاج احتياجاتنا من المحاصيل الزراعية والسلع التموينية.
أهملنا حتى القطن الذي كانوا يعلموننا في المدارس أنه الذهب الأبيض، وأن المستعمر يستولي عليه ليرده لنا في صورة منتجات نحصل عليها بالعملة الصعبة، أهملنا زراعة القمح بحجة نقص المياه، وأهملنا حتى زراعة الفول والعدس وقصب السكر..

وبالطبع، كلما زاد استيرادنا، زادت حاجتنا للدولار فيرتفع الطلب عليه، مما يخلق حالة من ندرته وبالتالي ارتفاع قيمته مقابل الجنيه بدون توقف، لأن مصادر الحصول عليه محدودة وهي:
1- قناة السويس .            2- السياحة .      3- تحويلات العاملين بالخارج.
4- الاستثمارات الأجنبية.   5- المنح والودائع والقروض .   6- الصادرات .

ولماذا لا ننتج؟! الإجابة في رأيي بكل بساطة، أن خبراء الإقتصاد في مصر أقنعوا النظم الحاكمة لعقود طويلة باختيار الطرق الأكثر سهولة، وهذا على المدى الطويل أدَّى إلى التأخر وإلى مزيد من التبعية، وبالتالي تذهب هباءاً منثوراً أي خطط للتنمية! ولا أعرف هل خدعوا النظم التي حكمتنا أم كانوا على تلك الدرجة من السذاجة، لكي نزيد الدولار بأيدينا كل يوم قوة وصلابة!

ولكي أوضح لك الأمرعزيزي جوجل لابد أن تلاحظ أن كل مصادر دخل الدولة من العملة الصلبة والتي تسمى بالعملة ( الصعبة) لصعوبة الحصول عليها، باستثناء الصادرات فهي مصادر برغم سهولتها، ليس لنا سيطرة كاملة عليها:
- قناة السويس تخضع لحركة التجارة العالمية والطرق البديلة المنافسة وهذا ما نلمسه الآن.
- السياحة كذلك للأسف تخضع للحالة الأمنية للبلد بشكل خاص وللحالة الاقتصادية العالمية بشكل عام وأيضاً للعلاقات السياسية بين الدول، برغم أننا تعرضنا لضرب السياحة أكثر من مرة بسبب الإرهاب في مصر، إلا أننا لم نعِ الدرس جيداً كالعادة، بل توسعنا في المشاريع السياحية الساحلية بالمليارات وأهملنا تماماً الزراعة والصناعة بحجة سخيفة أرفضها تماماً؛ وهي زيادة الدخل من العملة الصعبة، لكي نعود مرة أخرى لخروجها بالاستيراد، منطق غريب جداَ.
- تحويلات العاملين بالخارج، فهى أيضا خاضعة لعوامل منها الحروب، والعلاقات السياسية بين الدول، وقد حدث ذلك، عند حرب العراق وعودة الملايين في التسعينيات، وتكرر الأمر كثيراً مع ليبيا بسبب العلاقات السياسية، وأخيراً بسبب الوضع الأمني الليبي، ولعلنا نتذكر بعد رحيل القذافى، حاول عصام شرف رئيس الوزراء حينها تقديم الدعم لليبيا لإعادة إعمارها عن طريق عودة المصريين، وكذلك فعل الجنزوري محاولاً المشاركة في إعادة إعمار العراق، أيضاً عن طريق عودة المصريين، كل الحكومات، تختار الحلول الأسهل، تزيح عن كاهلها عبء ملايين من المواطنين وفي نفس الوقت يدرون عليها العملة الصعبة لكي نستورد بها طعامنا، عقم شديد في التفكير! والآن نواجه نفس المشكلة مع المغتربين المصريين في الخليج وقد رأينا ما أدى إليه خروج شركة واحدة سعودية من سوق العمل، ويتوقع الكثيرون عودتهم في القريب.

- المصدر الرابع من العملة الصعبة أو الدولار، وهو الاستثمارات الأجنبية، أيضاً مرهون بالوضع الأمني في المقام الأول وبقوانين الاستثمار وأيضاً قوانين فض المنازعات وثبات سعر الصرف الذي هو محور الحديث عنه الآن، وباستقرار البلد المتمثل فى استقرار النظام الحاكم، وكل ما سبق للأسف لا يتوقع معه أية استثمارات في القريب العاجل، اللهم القليل من استثمارات البترول التى واجهنا صعوبة في عودتها بعد 25 يناير، وقليل جداً من الاستثمارات العقارية والتى لا تؤدي إلى أي تنمية.
-المنح والقروض والودائع، منذ الستينات ومصر تتلقى منح ومعونات وقروض، ولا بأس إذا كانت الدولة فقيرة أن تتلقى المنح، ولا بأس أن تتلقى القروض لتستثمرها فى مشاريع كثيفة العمالة كالمصانع مثلاً ، أما إذا كانت دولة غنية فى مواردها البشرية والطبيعية وربع موازنتها يذهب مقابل فوائد الديون، فعلينا أن نسأل كيف تدير الدولة مواردها؟ وأين ذهبت تلك القروض التى سيحمل عبئها أجيالاً قادمة، خاصة إذا عرفنا ما قالته وزيرة التعاون الدولى "سحر نصر" أن الدولة حصلت على قروض ومنح خلال عام (من سبتمبر 2015 إلى سبتمبر 2016) ما مقداره خمسة عشر مليار دولار، وإذا كانت الوزيرة لم تحدد عما إذا كان المبلغ تضمن مليارات دعم دول الخليج أم لا ؟ وإذا كنا فرحين بأن الاحتياطى النقدى قد ارتفع الآن إلى 19.5 مليار دولار بعد آخر مبلغ من السعودية البالغ 2 مليار؛ فهل تعتقد أن القرض المنتظر من صندوق النقد سيؤثر فى سعر صرف الدولار؟!
وهل تشك أن بعد كل تلك القروض أن خدمة الدين (الفوائد) لن تزيد من أعباء موازنة الدولة فى الأعوام القادمة وبالتالي ستتأثر أيضا خدمات الصحة والتعليم!! هل مازلت تشك فى مقولة، أن الدول لا تبنى بالقروض؟!

- أخر مصدر للعملة الصعبة أو الصلبة، هو عائد الصادرات، وأرى أنه خطأ فادح وقع فيه الكثير، فالمنطقى أن تكون صادرات أي دولة هو ما يزيد عن حاجتها من سلع وتلجأ أحياناً بعض الشركات للصادرات للحفاظ على سعر منتجها المحلى داخل دولة المنشأ، أما أن نشجع أو ندعم الصادرات، أي صادرات ، فهذا خطأ جسيم، لعلنا نعلم جميعا، قصة السماح بتصدير الأرز، ثم استيراد الأرز، ثم منع ووقف التصدير، كل هذا التخبط في السياسات والقرارات لمصلحة من ومن تحمله؟!
أليس من الأولى دعم الزراعة والصناعة والتعدين، أليس إذا حققنا طفرة زراعية وصناعية وتعدينية لن نلجأ إلى الإستيراد ونكون فى حاجة إلى العملة الصعبة وسينخفض سعر الصرف إجبارياً؟!
كل ما سبق تستطيع تلخيصه فى أن الحل فى مشاكل مصر هى تشجيع الإنتاج الزراعى والصناعى والتعديني، ولكن رأيت أنه من الضرورى التوضيح والشرح لمن استعصى عليه الفهم ولمن تصور أن الخير قادم مع قرض الصندوق، ولمن تخيل أن مشكلة الدولار هو قلة من التجار الجشعين، ولمن تصور أننا نسير فى الطريق الصحيح!
سجل يا جوجل وبلغ نيابة عنى رئيس الوزراء "شريف إسماعيل" بأن ما قاله فى لقائه مع لميس الحديدي (احنا عارفين بنعمل إيه!) بأن سلفك من رؤساء الوزراء كانوا يرددون نفس الجملة، ولك حق الإجابة لماذا رحل محلب وقبله الببلاوى؟! حتى هشام قنديل كان يعلم ماذا يفعل، وبالطبع أنا أصدق أنك تعلم ماذا تفعل، ولكن كما تعلمنا منذ الصغر، العبرة بالنتائج، والنتائج مؤلمة ومريرة، وسيسجل جوجل على صفحاته أن سعرالدولار وصل في حكومتك إلى
+18 ولا أعرف من رئيس الحكومة تعيس الحظ الذي سيصل معه إلى +21 ؟!
قبل أن أنهى المقال، يجب أن أشير أنى قرأت على موقع إعلام دوت أورج ولأول مرة 17 قراراً صحيحاً من المجلس الأعلى للاستثمار.
 
http://www.e3lam.org/2016/11/01/159045

الجمعة، 14 أكتوبر 2016

صديقي العزيز جوجل (3)


أكتب لك رسالتي الثالثة، وأعتذر عن تأخري هذه المرة، ولا أخفي عليك فرغبتي في الكتابة تضعف يوماً بعد يوم، وما أكاد أبدأ حتى أتوقف، فالأخبار في وطننا الحبيب متلاحقة بشكل لا يمكن الإلمام بكل خيوطها، ومهما حاولت أن أخلوَ بنفسي لكي أكتب عن موضوع محدد أجدني أعود لمتابعة الأخبار، هناك أحداث كثيرة وقعت في الأيام الماضية، داخلية وخارجية، وكما تعرفني لا أكتب عن السياسة الخارجية
ليس لعدم إلمامي بها ولكن لأن عندي يقين أن السياسة الخارجية من المفترض أن تدعم وتضيف للسياسة الداخلية وليس العكس، بشرط أن تكون السياسة الداخلية تسير بنهج صحيح وسليم يدفع بنا إلى الأمام، ولا يخفى عليك أيضاً بل من المؤكد أنك تعلم ذلك أكثر منى بحكم موقعك..
لم أكن أنوي أن أشغلك معي هذه المرة، بمشاكل وطني الحبيب وكنت أنوي أن أحدثك عن بعض الأفلام العربية القديمة التي شاهدتها هذا الأسبوع كمحاولة مني للهروب من كآبة الأخبار، وربما أحكي لك عنها قريباً، وما يشغلنى الآن أن الحال في الشارع المصري وصل إلى درجة عالية من الإستياء تجاه الأداء الحكومي، البعض يعاني ويصرخ من موجات الغلاء المستمرة والمتصاعدة في الأسعار، والبعض الآخر تحولت معاناته إلى دعوة لمزيد من الصبر واستدعاء بعض من أمثلة المعاناة التي كنا نعيشها أثناء حرب أكتوبر، ويسخر من الشباب الذي لا يقدر ذلك، وكيف يعرف عن أكتوبر وقنواتنا لا تذيع أفلام أكتوبر المعدودة إلا من عام لعام، والبرامج التلفزيونية الحكومي والخاص منها لا تستضيف أبطال أكتوبر إلا كل عام لدقائق معدودة، وهناك من الأبطال من مات مريضاً لايجد الدواء، والكلام كل عام عن أكتوبر أصبح معاداً ومملاً، وكما يقال ملء مساحة وفض مجالس ومطالبات بإنتاج أفلام لبطولات لم نعرفها إلا عن طريق الفيس بوك، ولم ندرسها لأولادنا في المدارس، كيف للشباب أن يشعر بأكتوبر، وقد أصبحنا ندمن إفساد كل ذكريات وطننا القليلة، فنشكك أنه نصر ونختلف حول من له الفضل فيه، هل كان ناصر أو السادات أو مبارك، أو سعد الشاذلي والجمسي وأحمد إسماعيل؟! ونواصل الردح والقذف!!
أي قدوة تلك التي يطلبونها من الشباب؟! وكأنهم هربوا بالحديث عن الماضي خوفاً ورعباً من الحديث عن الحاضر والمستقبل..

عزيزي جوجل، في الأيام القليلة الأخيرة، زادت حدة  انتقاد البعض لأداء الحكومة  خاصة ممن كان يدافع عن مبادرة "الفكة" ثم فوجيء بسفر النواب لشرم الشيخ للإحتفال بمرور مائة وخمسين عاماً على البرلمان في حفل تكلف الملايين، وقد كان من بين هؤلاء المدافعين ممن يقوم بجمع تبرعات لبناء معهد للأروام، قال لي بعدها لقد أصبحت أواجه صعوبة في جمع التبرعات، هؤلاء المنتقدون الآن كانوا من قبل يرددون أن الرئيس يعمل وحده، وكنت أندهش من هذا القول، والقليل منهم كان يسأل على استحياء لماذا يتمسك الرئيس بتلك الحكومة، ولا أشك أننا لم نواجه حكومة أفشل منها حتى الآن، ويكفي جدا لأي متابع أن يحكم بذلك من خلال قضايا الفساد الذي تفشى في عهدها، بدءا بقضية وزير الزراعة التي لم نعد نعلم عنها شيئاً، ومرورا باختلاسات وزارة التأمينات الاجتماعية، ورشوة مستشار وزير الصحة، وملايين القمح المنهوبة وأخيرا أزمة السكر والزيت والأرز، الذي صرحت بخصوصه الدكتورة بسنت فهمي أن البرلمان لديه مستندات تثبت تهريبه خارج البلاد، وهذا التصريح يدفعنا لنكرر نفس السؤال الذي تردد عن حادث غرق مركب رشيد، ماذا تحمل تلك المراكب إلى مصر قبل إقلاعها بالأرز؟! ومن المسئول عن ذلك؟!
لم أعد أقرأ عن دور للإخوان وراء هذه الأزمات، كما كانت تصرح الحكومة بذلك عند بداية أزمة الدولار، ولا أدري لماذا توقفت عن تلك التصريحات؟! هل لأنه ليس لهم فعلا دور؟! أم أن تلك التصريحات لم تعد تلقى نفس الصدى لدى شعب مصر العظيم؟ ولكن من المؤكد حتى الآن أنه لم يتم اتهام إخواني واحد ضمن المتهمين بقضايا الفساد الأخيرة، مما دعانى لأسأل نفسي هل نحن أمام حكومة فاشلة أم ناجحة ؟! وماهي معايير الحكومات الناجحة؟ أو ماهو معيار الحكم على أداء الحكومات؟..
وبحثت في موقعك عن مفهوم الحكومة الناجحة والفاشلة، ولم أجد إجابة مباشرة للسؤال، ولكن وجدت كثير من الدراسات والمقالات والأبحاث التي تشرح ذلك باستفاضة عن الحكومات الناجحة، وقرأت الكثير، وخرجت منه بملخص آمل أن أكون وُفقت فيه، فالحكومة الناجحة هي تلك الحكومة التي تستطيع تحقيق معدلات تنمية ملحوظة وسريعة يلمسها المواطن العادي البسيط أو كما يقال، رجل الشارع غير المسيس..
- هل نحن أمام حكومة ناجحة يعاني فيها كل المصريين على جميع المستويات من تدني جميع الخدمات الصحية والتعليمية وندرة فرص العمل؟!
- هل نحن أمام حكومة ناجحة لم تستطع جذب رؤوس أموال جديدة خارجية أو حتى تشجيع رأس المال الداخلي على الاستثمار؟!
- هل نحن أمام حكومة ناجحة تعدى فيها الدين العام أكثر من الناتج القومي؟!
- هل نحن أمام حكومة ناجحة تعمل جاهدة للحصول على قروض خارجية وداخلية لسد عجز الموازنة وليس حتى لمشاريع استثمارية تدر عائد على المدى القصير؟!
- هل نحن أمام حكومة ناجحة لم تستطع سياستها الاقتصادية الحفاظ على سعر صرف الجنيه، بل يكاد يكون تضاعف في عام واحد؟!
أما مقرأته على موقعك بخصوص تعريف للحكومة الفاشلة، هو الآتي :
- تكون الحكومة فاشلة إذا كان هناك، ضعف بأجهزة الدولة، الفساد وإهدار الموارد، غياب العدالة، الفوضى الأمنية، الانقسام المجتمعي، غضب شعبي يواجه باللامبالاة بل ويتمسك الفاشلون بمواقفهم، ويجهضون كل مسعى للحل، وبهذا أقر أننا أمام حكومة فاشلة..
ولكن اسمح لي عزيزي جوجل أن أسألك وأجد عندك الإجابة، هل يعلم الفاشلون بفشلهم ؟! هل الرئيس يستطيع أن يكتشف فشلهم؟!
هل لوعلم الرئيس بفشلهم هل يقيلهم؟! ومتى وكيف  يعلم الرئيس بفشلهم؟!
وكم يحتاج من وقت لكي يكتشف ذلك؟! وماذا لو كانوا في نظره ناجحين؟!
من أخيراً سيتحمل نتائج هذا الفشل؟ّ! الرئيس أم الوزارة؟!
أخيراً عزيزي جوجل، أرجو أن تبلغ الرئيس أن برنامج عمروالليثي على قناة الحياة أذاع فيديو لسائق توكتوك، وصلني عن طريق سبعة أصدقاء، خمسة منهم كانت مشاركتهم اليومية صورة الرئيس وهو يبتسم، ادعوه أن يشاهد هذا الفيديو..  
http://www.e3lam.org/2016/10/13/153613


الخميس، 29 سبتمبر 2016

صديقي العزيز جوجل (2)


لم أتلقَ منك أي رد على رسالتي الأولى لكم حتى الآن، ولكن لا بأس سأصبر وأنتظر وأعمل بما يردده علينا شيوخنا الأفاضل "التمس لأخيك سبعين عذراً" وبذلك فإن رصيدكم عندي من أعذار أصبح تسعاً وستين عذراً، ولن أيأس حتى لو تجاهلتني، فلقد اعتدنا في مصر على التجاهل كثيراً..
قبل أن أخبرك سيد جوجل، عن الخبر الساذج هذه المرة الذي وقفت عنده، دعني أنهي معك قصة "الفكة" لكي أسجلها عبر موقعكم للذكرى، فلقد شارك أحد أصدقئي بوست على الفيس بوك، عن صندوق بمطار ميونيخ يلقى به المسافرون بالفكة، وكتبت تعليقي عنده كالتالي
:
أنا : "الفكرة في حد ذاتها مقبولة جداً، ولاحظ أن نموذج الصندوق موجود أيضاً في الأسواق والسوبر ماركت ومن مبادرة جمعيات خيرية، لكن كونها تأتي بمبادرة من رئيس دولة مصر كان لها وقع آخر! "..
هو : "خليك مكانه..هتعمل إيه ؟!"..
أنا : "
المبادىء لا تتجزأ، يعني لما أكون باهتم بجمع القليل من أي شىء وبحوله لمكون أكبر، فالطبيعي أن يكون هناك اهتمام بالتوازي وحرص على إدارة ما هو أكبر، لما يبقى عندي موظفة "رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية"، مُقالة من يومين، وفجأة اكتشفنا أن دخلها الشهري سواء من الراتب أو بدلات اللجان بيصل إلى 300 ألف في الشهر، وبالطبع هناك الكثير مثلها، وأتغاضى عن تصحيح ذلك لأسباب لا أفهمها ولا أعرفها يبقى كأننا بننفخ في قِربة مقطوعة لن تمتلأ أبداً ! "..
هو: "من يعترض أو يسخر من "الفكة" هو شخص تافه" ..
انتهى الحواربيننا إلى هذا الحد، وكنت أرغب أن أبلغه أن يدخل على موقعك ليعرف أن الشخص التافه هو من يهتم بتوافه الأمور، وهو بذلك قد صرَّح ضمنياً دون أن يدري بتفاهة الفكرة، ولكني آثرت أن لا أُعَكِّر عليه صفو حكمته التي يعيش فيها، وترددت أن أطلب منك أن تتابع الأوضاع معي في مصر، وتساعد المواطنين الحكماء في المحروسة بالدعم السريع، فتمدهم بالمواقع التي تطبق فكرة "الفكة" لأني شعرت بمعاناتهم الشديدة هذه المرة للرد على التافهين المعترضين..

 صديقي العزيزجوجل كما تعرفني، لا أحبذ أي مقارنات بيننا وبين دول أخرى ولا أستشهد بها نهائياً إلا إذا كانت المقارنة كاملة، أما أن نجتزيء ما هو على هوانا وفي صالحنا فقط فهي مقارنة أراها ناقصة لا تصلح، وإلا سأكون مضطراً لأجري مقارنة بين مطار ميونيخ ومطار القاهرة ومستوى التعليم والمدارس والصحة ونظافة الشوارع بميونخ والقاهرة..

ثم عدت مرة أخرى أخرى لتصفح الفيس بوك ، ومررت بعيني سريعا على كم الشتائم لمن اعترض على اقتراح الفكة، وبالطبع لا أعلق أو أتفاعل مع تلك النوعية من البوستات، وقد اعتدت عليها، طوال اليوم ينشر أصحابها أذكار الصباح والمساء وفضل الصلاة والصوم، ولا رأي لهم فيما يحدث من أخبار، صم بكم، ثم فجأة يظهرون الوجه الحقيقي، لا أدري كيف يفكر هؤلاء، فالبعض منهم يتحدث كثيراً ويهاجم النقاب والحجاب ويناقش تفسير الأحاديث وصحتها، ولو اضطر الأمر يشكك في تفسير بعض الآيات متسلحاً بمبدأ إعمال العقل وحرية التفكير، وأنه لا كهنوت في الإسلام، ولا يوجد أوصياء على دين الله ولكنه ينتفض غاضباً حين يعترض متلقي مثله لتصريح ما من الرئيس وكأنك شككت في رسالة سماوية أو حديث قدسي وليس من مخلوق مثله، يخطىء ويصيب، فيصب عليك غضبه..

مرة أخرى، كنت أود أن أسأل هؤلاء ماذا تعلمون عن ميونيخ غير صندوق الفكة في المطار؟! ولكني تذكرت أني في حضرتك يا سيد جوجل، فأنت أولى أن تخبرهم بذلك أو تدلهم أن غاية الأمر أن يكتبوا على موقعك "ميونيخ" وسوف يرون العجب الحقيقي وليس العجب الموعود..
توقفت مرة أخرى عند بوست من أحد الأصدقاء يؤكد فيه أن تطبيق نظام الفكة بالمتاجر الكبرى بالسعودية، وهذا صحيح فعلاً ورأيته بنفسي بهايبر بنده وكارفور وأسواق كثيرة أخرى، ولزيادة التأكيد تطبقه شركة الإتصالات السعودية منذ سنوات بالتبرع بعشر ريالات لصالح مرضى الفشل الكلوى، وتذهب تلك الفكة بالمتاجر إلى الجمعيات الخيرية، ولكنها كلها مبادرات من جمعيات المجتمع المدني لم تأتِ من ملك السعودية أو من رئيس الوزراء، واستكملت التصفح، فإذا بي أقرأ خبر أيضاً من السعودية، يقول الخبر: "العاهل السعودى يأمر بتخفيض رواتب الوزير ومن في مرتبته  20% ، تخفيض مكافأة عضو مجلس الشورى 15% ، استثناء العسكريين على الحد الجنوبي للمملكة من قرار عدم منح العلاوة السنوية تقديراً لما يقدمونه من تضحيات للوطن..
سجل يا سيد جوجل لو سمحت وبلغهم أنَّ المقارنة يجب أن تكون كاملة، علمهم أن لا نجتزيء المقارنات والأمثلة، وبالمناسبة فالخبر الذي كنت سأحدثك عنه هو ما قرأته فى مطلع الشهر الحالى "سبتمبر" وهو بتعليمات من الرئاسة، فحص إقرار الذمة المالية لخمسة مليون موظف، والخبر يبدو بالقراءة الأولى طيب، ولكن هذا يقتصر على الموظفين الحاليين، فماذا عن الموظفين الذين أحيلوا على المعاش، هل فَلَتَ الفاسدون منهم؟! هل هذا القرار صدر بحسن نية متجاوزا تلك الفئة؟ ولو كان كذلك فمازال بأيدينا أن نصححه، بل وبطريقة أفضل لوشاء من بيده الأمر وكانت نيتة خالصة لمحاربة الفساد وتوفرت إرادته الكاملة والحرة، والحل بسيط جداً وله مزايا عديدة، فالرئيس يصدر قرارات شبه يومية، ويستطيع  أن يصدر قرار بالتنسيق مع وزارة العدل ووزارة المالية ووزارة الداخلية، بإلزام جميع المواطنين بالتسجيل العيني لممتلكاتهم من عقارات بالشهر العقاري، مع تحديد رسوم بنسب منطقية من قيمة الممتلكات، لكي لا يتهرب المواطنون من ذكر القيمة الحقيقية لتلك الممتلكات، ولن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، كل ما في الأمر أن وزارة الداخلية ممثلة في مكاتب السجل المدني، ستزود مكاتب التوثيق بقاعدة بيانات المواطنين والمسجلة لديهم بموجب الرقم القومي، ولصاحب القرار أن يتخيل أعداد المباني والشقق والأراضي الفضاء بالمحروسة، وكم قيمتها وكم سيجني من مليارات مقابل ذلك التسجيل، وكم سيكون من السهل للجهات الرقابية والكسب غير المشروع مراجعة الذمة المالية لأي مسئول حالي أو سابق، بضغطة زر لأي رقم قومي، وكم سيكون سهل تداول العقارات بالسوق وسيتم البيع ونقل العقارفي دقائق معدودة بمكاتب الشهر العقاري، مما سيجنبنا حالات النصب ويخف الضغط على المحاكم..
عزيزي السيد جوجل ، في وطننا الحبيب إذا انتقدت يثور بعض المواطنين الشرفاء ضدك، ويطالبك البعض بتقديم الحلول، وكأنك لو قدمت حلاً لأعجبهم واقتنعوا به!
هل عرفت الآن يا جوجل لماذا انتقدت اقتراح الفكة؟!
اسمح لي أن ألجأ إليك مرات ومرات أفضفض لك بما يضيق به صدري..
http://www.e3lam.org/2016/09/29/149962

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

صديقي العزيز جوجل (1)

الصديق الكريم السيد جوجل الموقر، بعد التحية، أود أن أعبر لكم عن شكري وامتناني لكرمكم الحاتمي الذى لم أصادفه بعد، ولأمانتكم التي فقدتها في الكثير ووفائكم الذي لم أجده فيمن قدمت إليه يد المساعدة، فما تقدمونه لا ينكره أبداً مستخدم عاقل للشبكة العنكبوتية، ولن أوفي حقكم إذا ما قررت الكتابة عن فوائد موقعكم الثري جداً بكافة المعلومات..
ولأنكم صرتم تعلمون عني أكثر كثيراً مما يعرفه عني أهلي وأصدقائي المقربون، وربما أكثر مما تعرفه عني أجهزة بلدي الأمنية فيما يخص تحركاتي وسفرياتي وكلمات السر لدخول بريدي الإليكتروني، وحسابات بنوكي وكافة مراسلاتي الخاصة، فمن المؤكد أنكم علمتمأني قد قمت برحلة مؤخراً خلال العيد مصطحباً أسرتي، التي تعلمون أيضاً عنها كثير مما لا أعرفه، وبالطبع تعلمون أن ولدي وزوجتىأطلعاني على أحد خدماتكم الجليلة والجديدة ( خرائط جوجل) ، والتي لم أستخدمها من قبل وقد أبهرتني، وكنت أظن أني لست منالمنبهرين، بعدما كدت أن أضل الطريق, فكنتم لي خير دليل, وسبباً هاما لقضاء الرحلة بدون أن نضطرلسؤال اللئيم، ولم يعد له معنى بوجودكم “الغريب أعمى ولو كان بصير” .
وبالطبع أشكرك على تنبيهنا أثناء السير، بالمناطق المزدحمة والمنحنيات الخطرة وهذا ما يشجعني عزيزي جوجل أن أطلب منكم المزيد من العون، وأنت من المؤكد تعلم عنى أني أحب الخير للجميع وأفرح لفرحهم وأحزن لحزنهم، أن تضيف إلى خرائطك المطبات الصناعية والطبيعية وخاصة في الليل البهيم، فوطننا الحبيب مصر في حالة حرب ولا يَلْتفت إلى تلك الأمور التافهة، وربما مشغول بإحباط المؤامرات التي تحاك حوله والتي لا تنتهى من أهل الشر بالداخل والخارج.
عزيزي السيد جوجل، أعتذر منكم أني تأخرت عن تقديم الشكر لكم، فلقد نويت أن أكتب لكم بمجرد انتهاء أجازة العيد ولكن انشغلت كثيراً بأخبار وطننا الحبيب واستوقفتني أخبار عديدة رغبت في الكتابة عنها، ولا أكاد أُلَمْلِم أفكاري حتى أجدني مُشتت التفكير، وسأذكر لك الآن خبراً واحداً حتى لا أثقل عليكم واسمح لي أن أكتب لكم مرات قادمة بما يضيق به صدري من أخبار ساذجة..
الخبر الذي قرأته والذي سأحكي لك عنه هذه المرة هو :
القضاء على “السحابة السوداء” لأول مرة بالدلتا، وهو خبر حسبته جيد طبعاً، بعد استعانة وزير البيئة بالأقمار الصناعية لرصد مواقع حرق القش من خلال 187موقع رصد يتابعهم الوزير بنفسه من خلال تطبيق “الواتس آب” ، لم أسعد بالفرحة فقد بدأت الأسئلة تنهال على رأسي، إذا كان لدينا تلك الإمكانيات فلماذا لا تستخدمها وزارة الزراعة لرصد اعتداءات المباني على الأراضي الزراعية؟! وهل تحتاج إلى أقمار صناعية أخرى؟ أليس من السفه يا جوجل أن أفرح لمشاريع الاستصلاح الزراعي بالصحراء ولا أغضب من فقد أخصب الأراضي الزراعية؟!
قد يكون هناك من الأسباب ما لا أعلمها، لكن بصراحة يا جوجل لن تكتمل فرحتى بأي تطوير للعشوائيات، وكل يوم تزداد العشوائيات وتستفحل رقعتها، وإذا سلمنا أن هناك أسباب خفية وأن الوقت غير ملائم وأن هناك بعض الحق لأصحاب تلك البنايات في الحصول على مسكن لهم، فلماذا لا يتم ضم تلك الأراضي داخل كردون القرى أو المدن، وعمل تخطيط معتمد لها وتحديد رسوم مقابلها؟ وبعد ذلك نجد الجدية الكاملة في حساب المخالفين؟!
ألا يعد ذلك إهدار لأموال الدولة كان من الممكن أن يعود على المواطنين بالنفع من خلال توجيهه لبناء مدارس ومستشفيات على الأقل بتلك المناطق العشوائية الجديدة؟!
أرجوك يا جوجل أن تتبنى الأمر نيابة عنى فأنا على يقين أنك تعلم أفضل منى؛ من هو الأقدر أن تُوجه له تلك النصيحة، على الأقل قد نجني من ذلك ما لن نجنيه من اقتراح التبرع بالفكة..
وإذا لم تجد فأرجو منك أن تنصحنى بألا أراسلك مرة أخرى، ولا تخجل أن تبلغني بأن محاولاتي قد باءت بالفشل..
http://www.e3lam.org/2016/09/27/149387

السبت، 24 سبتمبر 2016

قصة قصيرة . حياة .

كل طلباتها مؤجلة، حتى أبسط حقوقها، آخر مرة شعرت بتعب قال لها : "تحملي وإذا اشتد الألم اتصلي بجارتك أو أختك، فلا أستطيع أن أترك مباشرة التوسعات التي أجريها بالمحل" ..
وحين كانت تطلب منه أن يجلس معها ويشرح لها ماذا يفعل؛ أو أن تشاركه الرأي، كانت يبتسم بتهكم شديد ثم يلوي عنقه يسارا شاخصا ببصره إلى أعلى وهو يعيدها سيرتها الأولى، وبنفس طويل يقول : "أعرف جيدا ماذا أفعل، اطمئني وما عليك سوى أن تتحملي ولا ترهقيني بالأسئلة والشكوى"..
ذات يوم سمعته يصرخ في الموبايل ويتوعد بصورة لم تره عليها من قبل، ولكنها كادت أن تضحك على صورته الغاضبة، ولكن سرعان ما شعرت تجاهه بالشفقة، فاقتربت منه تربت على كتفه وتسأله عن سبب غضبه لتهون عليه، قال لها : "المنافسون يتربصون بي في كل مكان، يخافون من مشروعي الذي سيطيح بهم" ، كادت أن تسأله من هم الذين ينافسونك، وأنت لم تبدأ بعد في مشروعك الجديد وقد منيت بخسائر في مشاريعك السابقة ؟!! ولكنه لم يتوقف عن الحديث مستطردا : "إنهم يسبقون خطواتي ويقفون لي بالمرصاد في كل مكان أذهب إليه لأقترض، ليثبطوا عزيمتي ويضعفوا همتي" ..
هالها ما سمعت.. فسألته بلطف شديد : "هل لم تكفيك قيمة بيع شبكتي ؟! ولا نصيبي في منزل والدي ؟! .. لقد استدنت لك من كل أخوتي مرات ومرات، وكل مرة كنت تطلب مني أن أتحمل وأصبر وتعدني أن قريبا جدا سنجني الثمار ! .. لقد تغاضيت عن كل وعودك وأحلامك في فترة الخطوبة، وأن بعد الزواج بعامين سنتتقل من السكن الضيق والمنطقة المزدحمة برائحتها الكريهة !!" ..
ولكنه ابتسم كعادته وغادر المنزل ..
هذا الصباح استيقظت حياة على طرقات شديدة على الباب وحين أيقظته، هب فزعا آمرها أن تفتح وتنكر وجوده، ثم بدأ في استبدال ملابسه ..
لكنها لم تبرح مكانها وتعالت أصواتها أنت إنسان فاشل .. فاشل !!
أنهى ملابسه متجها إلى الباب الخلفي قائلا لها بنفس ابتسامته : "بكره تشوفي العجب" !! ..

الخميس، 22 سبتمبر 2016

مقال : الفشل الشخصي والفشل الكلوي .

الفشل (1)

لا يأتي النجاح صدفة ولا يأتي الفشل في غفلة منا، لكل قصة نجاح أو فشل أسباب، يدركها البعض مؤخراً بعدما تقع الواقعة، وطالما كان هناك حياة فهناك فرصة للنجاح، أو على الأقل اجتناب الفشل أو تقليص فرص تَحَقُّقِه مرة أخرى، النجاح والفشل لا يرتبط بالعلاقة العاطفية أو بالتفوق الدراسي فقط، ولا يقتصر على الحياة العملية أو الأسرية، كل شىء في حياتنا
نقدر على تقييم مستوى نجاحه أوفشله، حتى الصحة تخضع لمقياس نجاحنا أو فشلنا في الحفاظ عليها.

ولأنه كما قلت سابقاً أن للنجاح والفشل أسباب، فنجاحنا بالمحافظة على الصحة يخضع لعوامل عدة من
أهمها، العادات الغذائية والقدرة المادية، وحتى بعد اكتشاف المرض يظل هذان العاملان ضروريين لنجاح العلاج، ولن أسترسل هنا فالمقال غير طبي.
قد يقول قائل: "أن الحذر لا يمنع القدر" ، وهذا صحيح ولكن بعد الأخذ بالأسباب، وهو إجراء التحاليل الطبية الدورية والتي تختلف حسب الفئة العمرية، وبها قد نكتشف المرض في مراحله المبكرة، فقد تعلمنا أن الوقاية خير من العلاج، قال لي
يوماَ أحد الأطباء الذين زرتهم أثناء مرضي : "لو بتهتم بصيانة سيارتك في المواعيد المحددة فصحتك أولى أن تهتم بها" ..

أعتقد أننا جميعاً لاحظنا في الآونة الأخيرة انتشار مرض الفشل الكلوى، يكاد ألَّا  تخلو عائلة من مريض يعاني منه، ونعلم جيداً، أن جميع
الأمراض أصبح علاجها يمثل عبئاً كبيراً على المرضى، خاصة البسطاء منهم، يتزايد يوماً بعد يوم، مع ارتفاع الأسعار وثبات الدخل، ولو زرت أو اطلعت على أوضاع المستشفيات الحكومية أو كان لديك صديق طبيب تستطيع التأكد من ذلك.

 
ولكن إذا ما توقفنا عند مرضى الفشل الكلوي، وبرغم خطورة المرض إلا أن الشعور النفسي الذي يصيب المريض عند تلقيه خبر المرض، والذي يختلف من مريض لآخر، يصبح عاملاً مهماً جداً في مستقبله المرضي سواء بتجاوز الصدمة وتقبل العلاج الوحيد لذلك وهو الغسيل الأسبوعي أو بتدهور حالته، ولا علاقة هنا بين العامل النفسي للمريض وبين مستواه المادي، ولكن قد يكون هناك علاقة للعامل النفسي للمريض بمستواه الثقافي ومدى معلوماته عن المرض وطرق العلاج وبالطبع الحالة المادية كما سيتضح فيما بعد.

في العادة لا ينتبه لذلك أهل المريض ربما لجهل منهم، أو لوقع الصدمة عليهم أيضاً، ولا يهتم بذلك كثير من الأطباء وقد يكون لهم العذر لكثرة أعداد المرضى الذين يستقبلونهم يومياً، ولن أتعرض هنا للعلاج بزراعة الكلى، فهو يحتاج إلى قدرة مادية عالية بالإضافة للبعد القانوني وأمور كثيرة أخرى.
 
كثير منا لمس معاناة المريض سواء مع صديق أو قريب أو جار، وقد أصبحت تكلفة الغسيل الكلوي للطبقة الوسطى مكلفة جداً في ظل غلاء جميع الأسعار وثبات الدخل، مما دفع  الكثير من المرضى إلى اللجوء  للمستشفيات الحكومية أو الجمعيات الخيرية التي تقدم العلاج مجاناً، ولكن لازدياد أعداد المرضى ومحدودية أعداد أجهزة تلك المستشفيات والجمعيات أصبح هناك طوابير طويلة في انتظار دورهم في الغسيل.

مهم جداً أن ندرك ويدرك  مرضى الفشل الكلوي وذويهم، أنه مرض مثل أي مرض غير خطير وغير مميت إلا إذا أهملنا في علاجه، وقد يمد الله في أعمار المرضى عشرات السنوات، إذا ما انتظم المريض على الغسيل الدوري و القيام بالتحاليل الدورية الأسبوعية منها والشهرية لمتابعة الحالة الصحية العامة للمريض، وبالفعل رأينا حالات كثيرة عاشت لعشرات السنين معتمدة على الغسيل وحالات أخرى لم تتعدَ السنة.

أكتب ذلك بعدما قادتني الصدفة للتعرف على طبيب يعمل بتلك المراكز الطبية والتي شرح لي أسباب كثيرة لتدهور الحالة أو استقرارها، وقد استوقفني سبب أراه مزعجاً جداً وقد لا يعرفه الكثير من المرضى أو أهلهم وأحيانا كثيرة لا يخبرهم أيضاً الطبيب بذلك سواء في المراكز الحكومية أو الخاصة، وسبب التدهور هو حدوث مضاعفات نتيجة الغسيل تتمثل في نقص الهيموجلوبين في الدم مسبباً حالة فقر دم شديد، وبالطبع يشعر معها المريض بالضعف المتزايد، ثم هبوط بالدورة الدموية والوفاة.
وللأسف لا  يستطيع الطبيب بالمركز برغم تأكده من تدهور نسبة الهيموجلوبين بالدم للمريض تقديم أي مساعدة، فالمستشفى لا تقوم بصرف الحقن التي تعمل على تعويض نقص الهيموجلوبين، إلا عند وصول نسبة الهيموجلوبين إلى سبعة وهي نسبة متدنية جداً، فعدد الحقن الخاصة بزيادة نسبة الهيموجلوبين محدود جداً لا يكفي عدد المرضى إذا ما عرفنا أنه يحتاج لجرعة أسبوعية، تكلفة تلك الجرعة شهرياً في حدود ألف ومائتين جنيه.
حين زرت أحد المراكز العلاجية المجانية، وأبديت رغبتي في تبني حالة من المرضى، صرح لي الطبيب أنه لا يستطيع ذلك، لأنه لا يمكن أن يحتفظ بالعلاج لمريض محدد وهناك غيره يحتاج نفس الجرعة، والنتيجة أنه من الممكن جداً برغم تبرعي لن أضمن أن تتحسن حالة المريض لعدم انتظام تناول الجرعة المطلوبة، وعندما اقترحت عليه أن يتسلم المريض علبة الحقن ليتناولها عند الغسيل أسبوعياً، قال : "أن ذلك قد يكون صحيحاً مع المريض الواعي والمستور، أما المريض المعوز

فقد يلجأ للأسف لبيعها" !!
عند باب الخروج لمحت امرأة في الثلاثينيات، ملامح القهر والفقر واضحة عليها، يستند إلى ذراعها اليمين زوج شاب هزيل يترنح، وبرغم حرارة الجو كانت ملابسه ثقيلة، تَمْسِك بيسارها طفلاً ممسكاً بأخته الأضغر منه، تتبعتهما حتى وقفا منتظرين مصعداً لم يهبط، فجاهدا للدور الثالث حيث غرف الغسيل حتى اطمئنت عليه وعادت أدراجها للدور الأرضي تجلس أمام مدخل المبنى، وطفلاها يلهوان أمامها، فاقتربت منها وعرفت منها أن زوجها مريض منذ ثلاث سنوات وأن عمله السابق كان سائق ميكروباص، والآن ليس لهما أي مصدر دخل، قائلة  "نذهب لبيت أبيه مرة في اليوم، نتناول عندهم وجبة واحدة وباقي اليوم حسب التساهيل، زي ما ربنا يِبْعَت" ..
وحين مددت إليها يدي بالمساعدة رفضت أن تستلم أي مبالغ، فبمَ تخبر زوجها ؟! قائلة : "هيبهدلني .. خد رقم محموله واتصرف معاه" ..
كنت أود أن أسألها هل له معاش من التأمينات الاجتماعية أو من نقابة السائقين ؟!
فلم أفعل .. فأنا نفسي لا أعلم إذا ماكانت هناك نقابة لهم ترعى تلك الحالات !
كدت أن أنهي المقال ولكن في اليوم الثاني، وبعد صلاة الجمعة، التقيت بطبيب صديق، سألته عن كل ما كتبت أعلاه، للأسف أكده وزاد أن هناك نقصاً أيضاً في محلول الملح، ولهذا قصة طويلة، فالشركة (قطاع خاص) التي كانت تورد للمستشفيات بنسبة 70% من احتياجاتها، قد توقفت عن التوريد بسبب اختلاف الأسعار، وأنها تقبل أن تدفع غرامات لعدم التوريد عن أن تورد بخسارة !!
هل نسمع قريباً عن تدخل القوات المسلحة بتصنيع محلول الملح ؟!

أعترف أني كنت على درجة من السذاجة حين اعتقدت أن بعد 25 يناير لن نرى تلك الصور، وستختفي حملات جمع التبرعات وستكون من أولويات الدولة الصحة والتعليم، ولكن يبدو أن هناك من هم أقوى من الدولة يقفون عائقاً أمام ذلك..
عزيزي المُزّكِّي .. (الصحة أولى لك فأولى) ..
إلى مقال آخر مع الفشل..
 http://www.e3lam.org/2016/09/21/147550