الجمعة، 10 فبراير 2012

أنت الدولة..

أنت الدولة..


أنت الدولة..
Thu, 09/02/2012 - 21:30

أعلن اتحاد نقابات العمال الإسرائيلي الإضراب العام في إسرائيل منذ بضعة أيام، وهو الإضراب الذي أدى لتوقف حركة الموانئ والمطارات والبنوك.. بل -يا للهول- توقفت البورصة.
وحتى الآن رغم مرور بضعة أيام على هذا الإضراب لم تنهار الدولة، كما أن البلد لم تُحرق. وإسرائيل الدولة الاستعمارية المحاطة بالأعداء والمهددة بالموت- طبقاً لتصريحات الرئيس الإيراني أحمدى نجاد- لم تتهم العمال ولا منظمي الإضراب بالعمالة أو العمل لمصلحة أصابع خارجية.
شيء غريب جداً هذا الأمر.. هل إسرائيل دولة قوية إلى هذا الحد، بحيث لا يؤثر عليها هذا الإضراب ويجعلها تنهار؟!
أم أن هذا الإضراب يعمل في النهاية على خدمة المواطن الإسرائيلي وتعديل ظروف حياته المعيشية، الأمر الذي يؤدى لجعل إسرائيل أكثر قوة وتماسكاً؟
يقف نائب عضو محترم في مجلس الشعب الموقر ويطالب بتحديد خط حول وزارة الداخلية، ومن يتجاوز هذا الخط يتم إطلاق النار عليه. وذلك للحفاظ على هيبة الدولة، لأن «الثورة بتتسرق منينا» و «مصر بتتحرق».
النائب المحترم (صوت الشعب) لا يجد غضاضة فى قتل مواطنين آخرين، ولا يجد النائب المحترم، الذي أقسم على الالتزام بالدستور والقانون أى غضاضة في تجاوز القانون، الذي حدد مهمة وزارة الداخلية في القبض على من يتجاوز القانون، رغم أنه لا توجد دلائل على تجاوزهم القانون. لكن المهم بالنسبة لسيادة العضو المحترم هو الحفاظ على هيبة الدولة ومؤسساتها، وهى في تصور النائب مبنى وزارة الداخلية، كأنه قدس أقداس الدولة المصرية.
وبعد تصريحات النائب المحترم، صباح الخميس الماضي، نزلت قواتنا المسلحة إلى الشوارع والميادين بأمر من قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لتأمين المؤسسات الحيوية للدولة. في وقت يتزايد فيه الحشد الإعلامي ضد دعاوى الإضراب في يوم 11 فبراير، الذي يحذر منه المفتى وشيخ الأزهر وعدد من نواب المجلس، على رأسهم أعضاء حزب الحرية والعدالة، وجميعهم يخشون أن تنهار الدولة.
لكن كل هؤلاء ينسون أنه منذ بضع سنوات، حينما كان الرئيس الأمريكى باراك أوباما يزور القاهرة، تم حبس آلاف المصريين في منازلهم ومنح الموظفين إجازة عن العمل، وخلت الشوارع من المارة والسيارات، في مشهد يشبه العصيان المدنى الكامل، ومع ذلك.. «لم تنهار الدولة».
ومنذ بضعة أشهر كان عشرات وأحياناً مئات المصريين يقتحمون مقار التعذيب في جهاز أمن الدولة، وفي مناطق متفرقة من جميع أنحاء الجمهورية، ومن لم يقتحم شاهد الصور والفيديوهات، التى يتمشى فيها مواطنون تم تعذيبهم وقهرهم في تلك المقار بين مكاتب ضباط الجهاز وزنازين الاحتجاز، ووقتها أيضاً.. «لم تنهار الدولة».
لأن الدولة ليست أشخاصاً يحملون النياشين على أكتفاهم، وبمحاسبتهم على الأخطاء التى ارتكبوها ستنهار.
والدولة ليست مبنى وزارة الداخلية، ولا مبنى وزارة الدفاع، وبمجرد اقتراب بضعة متظاهرين منهما ستنهار.
الدولة ليست كل هؤلاء، ولا كل هذه الخرافات التى تبثها أبواق الإعلام، التى تحاول ترسيخ صورة الدولة باعتبارها مؤسسات متهالكة لا تقوم بوظيفتها في حفظ الأمن ولا الارتقاء بمستوى معيشتك الاقتصادية. وهيبة الدولة لا تتم صناعتها بمدى عنف الدولة مع مواطنيها، ولا بتصاعد أرقام ضحايا وزارة الداخلية.
الدولة ببساطة.. «هى أنت».
وهيبة الدولة هي «هيبتك أنت» أيها المواطن. واستمرار الانتقاص من هيبتك بالوقوف لساعات في طوابير «أنابيب الغاز» أو بفقىء عينك.. لأنك تتمشى في شارع محمود أو بقتلك.. لأنك ذهبت لمباراة كرة قدم. هو الانهيار الحقيقي لهيبة الدولة.
وانهيار الدولة يعنى ببساطة انهيارك أنت. وهو ما تعيشه وما نعيشه جميعاً. نحن المنهارين، كما قالت الفنانة القديرة عفاف شعيب.
وانهيارك يا أخى المواطن يعنى أنه بعد سنة من «ثورة» دفعت ثمنها غالياً من روحك وأعضاء جسمك، لا تزال تطالب بحد أدنى وحد أقصي للأجور والقادة والشيوخ يسكنون في القصور، والاثنان من الطبيعي أن يحرموا ويرفضوا الإضراب، لأنهم ساعتها لن يجدوا من يخدمونهم في القصور.
انهيار الدولة وانهيارك يعنى أنه بعد الساعات التى وقفتها في طابور الانتخابات لاختيار ممثلين لك يحمون ظهرك، يطالبون بإطلاق النار على من يتجاوز الخط الأحمر. وحتى من اخترتهم لانحيازك لخطاب إسلامي يدعون تقديمه يتهمون، بالإثم والغيبة، آخرين بتعاطي المخدرات والمال دون بينة أو دليل في مخالفة لأبسط قواعد التشريع الإسلامي.
الدولة لن تنهار بل أنت المنهار.. والإضراب هو الطريق الوحيد أمامك عزيزي المواطن للبناء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق