الجمعة، 3 فبراير 2012

غادة نبيل تكتب: هيا إلى هناك | الموجز

غادة نبيل تكتب: هيا إلى هناك | الموجز


غادة نبيل تكتب: هيا إلى هناك

 Thu, 02/02/2012 - 18:35
أدعو جموع المصريين والمتظاهرين .. لا أهالى الشهداء ومصابى الثورة فقط .. للتوجه إلى المركز الطبى العالمى وسجن طرة وأن يتمركزوا هناك بالملايين بدلاً من ميدان التحرير حتى يصدر الحكم المستحق والعادل على مبارك والعادلى وعزمى وعز والشريف وسرور .
حين لمنا أنفسنا على الانسحاب الساذج من الميدان بعد تنحى المخلوع لم نفكر بشكل صحيح وكررنا الخطأ مرات .. ظللنا نقيم المظاهرات والاعتصامات إما فى التحرير أو محيطه القريب ، أمام ماسبيرو أو عند مجلس الوزراء ، حتى بعدما تبين لنا أن اصطياد الناس وقنص عيونهم يكون أسهل عند حواف الميدان القريبة والبعيدة ، وصارت طبعا نقطة تحدٍ أن تثبت فى نفس مكان إصابتك واستهدافك فهذه هى فكرة " التحرير الملهِم " . كانت الرسالة التى بعثتها عشرات المليونيات بعد الثورة والموصومة بالفئوية والسياسية وغيرها ، ورسالة المسيرة النسائية بعد تعرية فتاة التحرير فى الصورة الشهيرة بيد جنود الجيش هى بالضبط هذه : تريدون تخويفنا لإزاحتنا ورجوعنا لبيوتنا ، سنفعل عكس ما تهدفون إليه . سننزل وإلى نفس مكان الضرب والخطف والإهانة والقتل . هذا منطق لا يفهمه المذعورون من استمرار نزول البنات والشباب والشيوخ والآباء مع أطفالهم الرضع كما رأيت فى كل مليونية ويوم 25 يناير فى " عيد الثورة " الأول الذى لم نفهم كيف يمكن أن يسميه البعض عيداً ولم يثأر أحد للشهداء والمصابين سواء فى الثورة أو توابع الزلزال العسكرى المتوالية فى ماسبيرو وأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء .
مذهولة أنا من أمور كلها تدعو لذلك .
خوسيه يطلب أن يقبل النادى الأهلى استقالته بينما سمير زاهر رئيس اتحاد كرة القدم يمتنع - فى تراث مصرى دنئ - عن تقديم استقالته .
كيف وبأية عقلية غير عقلية البائدين ، تم الاستمرار فى إقامة حفلات مباريات كرة القدم بعد الثورة والبلد أشهر إفلاسه اقتصادياً تقريباً والبكاء والنواح على شهداء يزداد عددهم كل يوم مستمر ؟ . ما هذا الانعدام للشعور ولتقدير الوضع الاقتصادى المنهار للبلد ولمشاعر أهالى الشهداء والمصابين والمفقوئى الأعين بأيدى جهاز شرطة لم تتم إعادة هيكلته بعد؟
كيف لم يفطن المكلومون والحزانى اليتامى والأمهات الثكالى من أهالى الشهداء إلى الخطأ الاستراتيجى الثانى الأهم بعد الخطأ الأول الذى لم نتمكن من احتواء تداعياته بانسحابنا من الميدان فور التنحى وإيكال الأمر للمجلس العسكرى ليحرس – كما تصورنا عتهاً – ثورة قامت ضد من عيّن كل أعضاء ذلك المجلس ؟ . الخطأ الاستراتيجى الثانى كان " تظاهرنا " بأننا سنصدق أن محاكمة عادلة متوازنة ستتم لآل البيت المباركى وعائلة السوء التى حكمتنا كآخر عائلات الدولة الحديثة وفرحنا كأطفال بلعبة غير قابلة للتصديق حين قدموا لنا " عرضاً " رديئاً مؤقتاً من فصول محاكمة تم ترتيب إجراءات وحيثيات الحكم فيها لصالح المتهمين من قبل أن تبدأ ، فرحنا كأننا لا نصدق لا نحن ولا أهالى الشهداء حتى ، أن القاتل يمكن حقاً أن يمثل أمام محكمة حقيقية تصدر عليه حكماً يستحقه كقاتل .
إن حتى القاضى المسئول يعرف تماما الآن ومنذ فترة أن الشعب كله بما فيه أهالى الشهداء " يعرفون " أن حكمه ملوث بإرادة سياسية منحازة للمتهمين ، طمأنت مبارك للبراءة منذ ما قبل التنحى وطمأنت بعض قادة الدول العربية المجرمة الأنظمة كالسعودية لكون الحكم لن يكون أبداً ضد المتهمين أو ضد سمعتهم . عندها فقط " صمم " مبارك أو رأس الأفعى على البقاء فى مصر وهكذا " بقى " معه كل النظام الذى استشهد شبابنا لإسقاطه . ثم نرى عبارات ومقولات منحطة بائسة من قبيل " كلنا مصريون " والتى سمعتها من بعض أسوأ من فى جريدتى من خدم ذلك النظام ، تفوهت بها بعض الزميلات يوم انتخابات نقابة الصحفيين بعد الثورة وظل البعض متجاسراً على ما هو أكثر فواصلت الفلول فى الصحف القومية فى جريدتى وغيرها دفع الهامش الثورى فيها إلى أطراف الكتابة ومارسوا الرقابة على ما يصدر من هذا الهامش !!! بدعوى وجوب عدم مهاجمة " العسكرى " وهم من أعطوا أنفسهم حرية كاملة فى مواصلة هجاء الثورة على صفحات صحف الشعب الممولة بماله بدعوى حرية الرأى وبلغ الفجور ببعضهم أن يكتب عنواناً لمقالاته فى مارس وأبريل الماضى  بعد الثورة : " الشعب يريد عودة أمن الدولة " وأيضاً " أريد فلاً " وغيرها من استفزازات . وأيضاً قرأنا على اللافتة الانتخابية لفرحة عين أبيه ابن مرتضى منصور" كلنا مصريين " .
اليوم ونحن نسمع فى قناة "أون تى فى" توصيفاً من بعض المتحدثين الضيوف لأحداث مجزرة إستاد بورسعيد أن بعض شهداء تلك الموقعة تم خنقهم بكوفياتهم وقُتل البعض الآخر بالسكاكين نتأكد من خطئنا الاستراتيجى الثانى : التركيز فقط على الميدان ونسيان الفاعلية النفسية للاعتصام المليونى أمام المركز الطبى العالمى ومن بعده أو بالتوازى معه التجمهر المليونى أمام سجن طره .
لماذا لم نركز فى كل مليونية وفى الذكرى الأولى للاحتفال بالثورة على المطلب الواحد بلا كلل : إصدار أحكام رادعة ضد رموز الحكم فى سجن طره والتصميم على حكم واحد لا بديل متصورعنه وهو الإعدام للعادلى ونفس الحكم ولو مع إيقاف التنفيذ لمن اختاره وعيّنه وأبقاه فى منصب المسئول عن تعذيب وإهانة المصريين على مدى 14 عاماً تم فيها انتهاك مصر كلها كفتاة التحرير والمسئول هو حسنى مبارك ؟ .
 لا أتذكر متى بدأت أشعر ، منذ أية مجزرة بالضبط ، بأن الحل هو إصدار أحكام رادعة على رؤوس النظام المجرم الذى أوصل مصر إلى هذا وأن الشعب مخطئ بعدم تصميمه على هذا وهذا فقط وأن أى إنجاز فى سير قضية من قتلوا المصريين وما زلنا نمول تنتقلاتهم التى تسخر منا ومن غضبنا ودمائنا ، لن يتحقق إلا بأن " يعسكر " الشعب ويقيم أمام المركز الطبى العالمى وسجن طره ، بأعداد وكتل الثورة .
كم مجزرة يجب أن تتم قبل أن يتراجع خوف قاضى محكمة مبارك المحتمل من المتهمين الذين يحظون بمعاملة استثنائية ( القاضى إنسان وقد يظل خائفاً على نفسه وأسرته من انتقام أهالى ورجال المتهمين إذا ما حكم بالعدل والقصاص وليس فقط بأوراق تم فرمها وأحراز تم العبث بها فى قضية ليست على مواطنين عاديين بل رؤوس نظام ودولة يملكون كل وسائل وأسباب تدمير تلك الأدلة والأحراز )، لكى يتأسس خوف آخر – إن جاز التعبير – هو الخوف أيضاً من ردة فعل الشعب ، وإن كان يتوقع تبرئة أعدائه ، حال إصدار متوالية أحكام البراءة تلك؟ .
هناك نقطة ضوء واحدة فى مجزرة موقعة بورسعيد . أن يخرج قاضى محكمة مبارك من استنامته للحكم المسيس الذى يبدو أنه سيستجيب لإصداره والذى اتخذه المجلس العسكرى الصديق الصدوق لرؤوس النظام القابعة فى طُرة وهى رؤوس آمنة على نفسها من أن المقصلة والشنق لن يصلا إليها .. الحكم الذى يفترض أنه صار للشعب منذ بدأت صلاحية الثورة وشرعيتها بإزاحة زعيم العصابة رسمياً عن القصر الرئاسى ، إلى قصر آخر فيما يُسمى بالمركز الطبى العالمى  معزولاً عن الواقع إلا مما يسره سماعه من أخبار تخريب ذلك الواقع لملايين المصريين ، تماماً كما كان المحيطون به يفعلون معه على مدى ثلاثين عاماً.
وإذا كان القاضى قد سمح لأول مرة فى تاريخ السجون المصرية باستقبال المتهمين فى قضايا قتل لزيارات خاصة يوم الجمعة ورضى قبل هذا بل واستجاب لطلب المتهمين عدم التصوير فى قاعة المحكمة ثم عاد ورضى أيضاً وأصدر قراراً بعدم تصوير المتهمين وهم يدخلون أو يخرجون ( بتعظيمات السلام والتحية التى رأيناها فى وقت ما من رجال الداخلية والشرطة العسكرية للعادلى وغيره ) فإننا ، كل الشعب المصرى ، عدا الفلول المنتفعين والذين مرضوا ومُسِخوا، يجب أن نصر أيضاً على أن وعيه بالوضع " المميز " للمتهمين والذى ترتبت عليه هذه " المنح والاستثناءات " من جانبه ، تعنى إدراكه أنهم ليسوا مثلى حين أدخل فى مشاجرة أو أكون متهمة بقتل مواطن واحد أو عشرة ، حينها لا يمكن الحكم علىّ بدون اعتراف أو شهود أو أوراق . أما من يرأس الدولة ويعطى الأوامر ولديه كافة صلاحيات الحكم ويحمل لقب القائد الأعلى للقوات المسلحة – بصلاحياته – ومن يشغل منصب وزير الداخلية فى أى بلد على مر التاريخ ، فهؤلاء لا يمكن الاكتفاء بالاستناد والاعتماد فى الحكم عليهم بالأوراق فقط ، خاصة وأن القاضى يعلم كما نعلم بمدى تمكنهم بحكم الوسائل والسلطات التى تحت أيديهم، أن يدمروا ويُتلِفوا كل الأحراز والأدلة التى تدينهم . فإذا كان قاضى محكمة مبارك لا يستطيع " نسيان "  أن من أمامه هو رئيس دولة سابق أو مستمر ووزير داخلية سابق أو مستمر، فنحن لن نناشده التنحى الذى يضمن تحقيق العدالة وعدم جرحها بل نقول له ، نريد أن نراك " تمد " حالة عدم نسيان ذلك الوضع الاستثنائى للمتهمين بأن تضعهم أمام مسئولية مواقعهم السيادية التى هندست قتل وإهانة المصريين عبر عقود بلغت ذروتها فى أحداث ثورة يناير ثم موقعة الجمل الشهيرة قبل تنحى رئيس الدولة المخلوع والمجرم .
يجب أن يدرك القاضى أن " ذنبه ومسئوليته " فى تبرئة متهمين كانوا يحكمون بلداً وليس مجرد أفراد فى خلاف أسرة صغيرة سيكون الرد عليه ، هنا فى مصر قبل يوم القيامة ، لمن يؤمن به مثلى ، هو إشعال حرب أهلية جاهد هذا الشعب وتحمل وصبر كثيراً لكى لا يصل إليها . ولمن يقول دعونا من الماضى ونبدأ البناء لا أملك له إلا بصقة فأنا شخصياً لم أسمع عن ثورات قامت ولم تُعدّل قواعد وطريقة القائمين على الحكم وتؤسس لمبدأ العدل باعتماد المبدأ الذى يعتمده الله سبحانه فى التعامل معنا : الثواب والعقاب . 
الاعتصام يا كل الثوار يجب أن يكون، بل كان يجب أن يكون من شهور، أمام المركز الطبى العالمى وطرة. فهيا إلى هناك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق